الله صلّى الله عليه وسلّم: بسم الله الرحمن الرحيم {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} (٢)[فصلت:١ - ٢]، فقرأ عليه من أوّلها حتى بلغ:{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ}[فصلت:١٣] إلى آخر الآية، فرجع عتبة، وأخبرهم الخبر، وقال: لقد كلّمني بكلام ما هو بشعر، وإنّي لشاعر أعرف الشّعر، ولا هو بسحر، وإنّه لكلام عجب (١) ما هو بكلام النّاس وما وقفوا به، قالوا: نذهب إليه بأجمعنا، فلمّا أرادوا ذلك طلع عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعمد لهم حتى قام على (٢) رؤوسهم وقال: بسم الله الرحمن الرحيم {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (٣)[يس:١ - ٣] حتى بلغ إلى قوله: {جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً}[يس:٨]، فضرب الله بأيديهم إلى أعناقهم، فجعل من بين أيديهم سدّا، ومن خلفهم سدّا، {فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ}[يس:٩]، فلمّا انصرف عنهم رأوا الذي صنع بهم، فتعجّبوا وقالوا: ما رأينا أحدا قطّ أسحر منه، انظروا ما صنع بنا. (٣)
٣ - وفي قوله:{إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} صريح ما في قوله: {قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ (٤)} الْكِتابِ.
٥ - {تَنْزِيلَ:} رفع اللاّم التي في التنزيل (٥)، وبتقدير مبتدأ (٦)، والنّصب على القطع، (٧) أو على التّحريض، أي: أقبل واتل عليهم.
٨ - {مُقْمَحُونَ:} رافعون رأسهم، والقموح والقماح رفع الإبل رأسها من الماء امتناعا عن الشّرب، (٨) والإقماح فعل عن القامح به وذلك.
عن أبي سعيد الخدري قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة، فأرادوا النّقلة إلى قرب
(١) ع: عجيب. (٢) ع: إلى. (٣) ينظر: الدر المنثور ٧/ ٤٤ - ٤٥. (٤) ك: أم. (٥) الأصول المخطوطة: رقع باللام التي في لتنزيل، وأ: التنزيل. (٦) قراءة ابن كثير ونافع ونافع وأبي عمرو (تنزيل) بالرفع، فيكون التقدير: الذي أنزل إليك تنزيل، ينظر: البيان في غريب إعراب القرآن ٢/ ٢٤٣، والكشاف ٤/ ٦، واللباب في علوم الكتاب ١٦/ ١٦٨. (٧) ينظر: تفسير الثعلبي ٨/ ١٢١، والبيان في غريب إعراب القرآن ٢/ ٢٤٣ على تقدير: نزل تنزيلا. (٨) ينظر: تفسير غريب القرآن ٢٦٣، ومشكل إعراب القرآن ٥٥٦، وتأويلات أهل السنة ٤/ ١٩٤. (٩) تأويلات أهل السنة ٤/ ١٩٥، وينظر: تأويل مشكل القرآن ٣٥٤، وتفسير الثوري ٢٤٨ واعتقاد أهل السنة ٣/ ٥٥٢ عن مجاهد.