عارضا في أثناء الكلام من ثلاثة أوجه: أحدها: اعتبار ما يجري بين لقمان الوالد وولده، والثاني: اعتبار النهي عن الشكّ، والثالث: الأمر بالشكر الذي هو حكمة لقمان.
وإنّما لم يكن للوالدين إلا حق المصاحبة في الدنيا بمعروف؛ لأنّ الولد ليس يفزع للوالدين (١) إلا على حكم المشاهدة فأمّا في المعقول: فكلّ مخلوق مفرد بالإنشاء، يقول الله تعالى:
{فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ} [المؤمنون:١٠١].
١٦ - الضمير في {إِنَّها} عماد كما في قوله: {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ} [الحج:٤٦].
وما تبت قوله: {إِنْ تَكُ} لاعتبار الحبّة، وهذه الآية كقوله: {أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً} [البقرة:١٤٨].
{فِي صَخْرَةٍ:} من الصخور، وفي التفسير المراد بالصخرة: السجّين، وهي تحت، وفيها تنسخ أعمال الفجّار. (٢)
١٧ - {وَأْمُرْ (٣)} بِالْمَعْرُوفِ وَاِنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ: حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند (٤) العلماء بالقول ألا ترى: أنّ نوحا وهودا وصالحا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولوطا وشعيبا وغيرهم من الأنبياء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بألسنتهم. وعن ابن عمر قال:
قال رسول الله عليه السّلام: «مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه». (٥) ولأنّهم لو لم يفعلوا إلا أن يهذّبوا أنفسهم لتعطّلت الأحكام، وخربت دار الإسلام.
١٨ - {لا تُصَعِّرْ:} لا تتكبّر على الناس، ولا تعرض عنهم تكبّرا.
{خَدَّكَ} يعني: ما تحت الوجنة العارض.
{مَرَحاً:} أشرا (٦) وبطرا.
١٩ - (٧) كون صوت الحمير أنكر؛ لأنّه يكلّف خلقه من الصوت ما يختنق به.
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس المؤمن بالطعّان (٨) ولا اللعّان ولا الفحّاش
(١) أ: الوالدين.
(٢) ينظر: تفسير الماوردي ٤/ ٣٣٧، وتفسير البغوي ٦/ ٢٨٨ عن ابن عباس، وتفسير ابن كثير ٣/ ٥٩٣ وقال ابن كثير: «كأنه متلقى من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب، والظاهر، والله أعلم، أنّ هذه الحبّة في حقارتها لو كانت داخل صخرة فإنّ الله سيبديها، ويظهرها بلطيف علمه».
(٣) أ: وأما.
(٤) الأصول المخطوطة: عن.
(٥) أخرجه الطبراني في الصغير (٩٨١)، والبيهقي في شعب الإيمان (٧٥٧٠)، والحسيني في البيان والتعريف ٢/ ٢٠٢.
(٦) ك وأ: شرا.
(٧) في قول الله تعالى: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ.
(٨) أ: الطعام.