وعندي: أن هذا ليس مذهبًا خامسًا، فإنه لا يذهب محصل إلى قَبُول ذلك مطلقًا من رجل [غمر](١) جاهل لا يعرف ما يجرح به، ولا ما يعدل به - وقد أشار إلى هذا القاضي، وإنما موضع الخلاف إذا وقع ذلك من عالم.
وإذا عرفت موضع الخلاف، فالمختار عندي في الشَّهادة، الفرق الذي ذهب إليه الشّافعي ﵁، وفي الرواية الاكتفاء بالإِطلاق في الجرح والتَّعديل جميعًا، إذا عرف هذا الجارح فيما يجرح به.
الشرح:"القاضي إن شهد من غير بَصِيرةٍ لم يكن عدلًا"، وإن شهد بالعَدَالة "و" الفِسق "في محل الخلاف" - أي: في الموضع المختلف في أنه هل هو سبب الجرح، فهو "مدلّس" فلا يكون عدلًا؟
"وأجيب: بأنه قد يبنى على اعتقاده، ولا يرف الحال"، فلا يكون مُدَلِّسًا.
فإن قلت: سيقول: إن التَّدليس (٢) لا يوجب الجرح على الأصح؛ وقضية كلامه هنا موافقة القاضي على أن التدليس جارح.
(١) في ت: عمر. (٢) التدليس لغة: كتم العيب في المبيع ونحوه، أصله من الدلس بالفتح، وهو الظلمة أو اختلاط الظلام. وفي الاصطلاح: ينقسم إلى قسمين: تدليس الإسناد، وتدليس وصف الرجال: الأول: تدليس الإسناد، وفيه آراء: الأول: هو ما يرويه الراوي عمن عاصره مع إثبات اللقي أو إثبات اللقي والسماع مما لم يسمعه منه بصيغة "عن" وما شابهها. وهو المعتمد. =