وقيل: بل بالآيتين؛ "بقوله" تعالى: " (قُلْ: لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُوُلوا: أَسْلَمْنَا﴾ [سورة الحجرات: الآية، ١٧] "؛ سلب عنهم الإيمان، وأثبت الإسلام؛ وذلك نصٌّ في التغاير؛ وكذلك حديث جبريل ﵇ قوله:"مَا الإِيمَانُ؛ وَمَا الإِسْلَامُ؟ "(١) وفسر فيه النَّبِيّ ﷺ الإيمان؛ بخلاف ما فسّر به الإسلام، ولن يَمْتَريَ بعد ذلك في تغايرهما إلا مُبَاهِتٌ.
الشرح: ثم استدلَّت المعتزلة أيضًا على أن الإيمان هو العبادات؛ بأن "قالوا: لو لم يكن" ذلك، وكان عبارةً عن التَّصْديق فقط - "لكان قاطع الطريق مؤمنًا"؛ لأنَّهُ مصدِّق؛ "وليس بمؤمن؛ لأنَّهُ مُخْزًى"(٢) بدخول النار؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [سورة المائدة: الآية، ٣٣]؛ والعذاب العظيم يشتمل على دخول النَّار، وكل من يدخل النار فهو مُخْزًى؛ "بدليل" قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ [سورة آل عمران: الآية، ١٩٢].
فقاطع الطريق ليس بمؤمن؛ مع تصديقه؛ فإذن: الإيمانُ: العباداتُ.
ويمكن أن يقال أيضًا: لو لم يكن، لكان الزَّاني والسَّارق مؤمنَيْن؛ لكنهما ليسا بمؤمنين؛ لقوله ﵇:"لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي، وَهُوَ مُؤِمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِق، وَهُوَ مُؤِمِنٌ"(٣)، أنهما مصدقان، وهو أخصر؛ وحوالة مشهور.
(١) أخرجه البخاري ١/ ١٤٠، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي ﷺ عن الإيمان والإسلام … (٢) في أ، ج، ح: مجزى. (٣) أخرجه البخاري ٥/ ١٤٣، كتاب المظالم، باب النهبى بغير إذن صاحبه (٢٤٧٥)، وفي ١٠/ ٣٣، =