للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى مقصودك، وقال النبي أيضًا: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ … ) (١)، فالاستعانة عبادة؛ ولما كانت عبادة لم يجز صرفها لغير الله ﷿، فمن استعان بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فقد وقع في الشرك الأكبر.

أما من استعان بغير الله في أمر يقدر عليه ذلك الغير، فذلك ليس شركًا كما تقول لصاحبك مثلًا: أعني على حمل متاعي، أعني على ركوب دابتي، أعني على إتمام هذا البحث، أما من استعان بغير الله في أمر لا يقدر عليه إلا الله أو استعان بذلك الغير فيما لا يقدر عليه ذلك الغير؛ كأن يستعين بميت مقبور، أو يستعين بشخص غائب، فهذا هو الشرك الأعظم الذي يخرج صاحبه من الملة، وأما ما سوى ذلك فهو ما بين محمود ومذموم ومباح:

فالمحمود منه: التعاون على البر والتقوى كما قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢]، فهذه الاستعانة استعانة محمودة.

والمذموم منه: ما كان تعاونًا على معصية الله كأن يستعين بصاحبه على تهيئة أمر محرم، فهذا محرم لكن لا يبلغ مبلغ الشرك.

والمباح منه: ما جرت به عادة الناس من تخادمهم فيما بينهم.

قوله: (وَدَلِيلُ الاسْتِعَاذَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ [الفلق: ١]. وَ ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ [الناس: ١]).


(١) أخرجه مسلم رقم (٢٦٦٤)، من حديث أبي هريرة، ، مرفوعاً.

<<  <   >  >>