للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذه المفردات كلها جاءت لتبين للعالم أجمع؛ كيف يتعامل الإسلام مع مال المرأة تمليكاً وتبرعاً وتصرفاً. ويكفينا في ذلك اختيار كلمة ﴿نِحْلَةً﴾ في التمليك، واختيار كلمة ﴿طِبْنَ﴾ في التبرع، فلم يقل أعطين أو وهبن أو سمحن، بل قال: ﴿طِبْنَ﴾ وهذا اللفظ يدل على كمال الرضا والقبول في إعطاء المهر أو التنازل عنه أو عن شيء منه. فالحكم إذن: لا يجوز للرجل أن يأخذ شيئا من مهر زوجته، إلا إذا تحقق طيبُ نفسها ورضاها التام بذلك.

يقول الزمخشري: (فإن وهبن لكم شيئاً من الصداق، وتجافت عنه نفوسهن طيبات غير مخبثات بما يضطرهن إلى الهبة من شكاسة أخلاقكم وسوء معاشرتكم. ﴿فَكُلُوهُ﴾ فأنفقوه. قالوا: فإن وهبت له ثم طلبت منه بعد الهبة، علم أنها لم تطب منه نفسا) (١).

ولو رجعنا إلى دلالة ﴿طِبْنَ﴾ في معجمات اللغة العربية لعرفنا قيمة استعمال المفردة القرآنية في سياقها.

يقول الآلوسي عند قوله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ (هَنِيئًا مَرِيئًا) (٤)﴾: (ولا تأنفوا وتتكبروا عن ذلك، وهذا أيضا نوع من التربية؛ لما فيه من التخلية عن الكبر والأنفة والتحلية بالتواضع والشفقة) (٢).


(١) الكشاف، الزمخشري، ج ١، ص ٤٧٠.
(٢) روح المعاني، الآلوسي، ج ٢، ص ٤٢٠.

<<  <   >  >>