الحواس في أنواع الإدراك ودرجاته كتصرف النظر في اكتناه الجمال وإدراك معانيه؛ أو السمع في استبانة الأصوات وحس نغماتها، إلى ما يشبه ذلك من صنع سائر الحواس في كمالها العصبي) (١).
ج- (الكلام الذي يبين البليغ ويفرده من قومه ويجعله مهوى قلوبهم وصمت أبصارهم، إذ يكون في نفسه من هذه القوة البيانية ما يجعله خليقا أن يعتده التاريخ أحد المجامع النفيسة في الأرض)(٢). وهذا هو كلام البلغاء والشعراء والأنبياء، وهو في الطبقة العليا من هذا النوع.
د- الكلام المعجز. وأتركك مع الرافعي في وصفه لهذا الكلام حيث يقول:(فإذا بعد الكلام وأمعن حتى يكون بدقائق تركيبه وطرف تصويره كأنما يفيض النفس على الحواس إفاضة، ويترك هذا الإنسان من الإحساس به كأنه قلب كله، ثم يبلغ من ذلك إلى أن يكون روح لغة كاملة وبيان أمة برفتها، لا يحيله الزمن عن موضعه، ولا يقلبه عن جهته، وإلى أن يجعل البلغاء على تفاوتهم فيما بينهم، وعلى اختلاف عصورهم وأسبابهم المتلاحقة، وكأنهم معه طبقة واحدة وفي طوق واحد من العجز؛ يعنيهم طلبه، ويعنتهم إدراكه ويعرفون تركيبه ثم لا يجدون له مأتى من النفس ولا وجها من القدرة فذلك هو الكلام المعجز)(٣).
(١) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، الرافعي، ص ١٦٣. (٢) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، الرافعي، ص ١٦٣. (٣) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، الرافعي، ص ١٦٤.