ثانيا: إن ما ذكره في النقطة الثانية من أن غرابة الكلمة جاءت وفق غرابة الأقوال والأفعال الشنيعة التي ارتكبوها. أقول: إن هذا إثبات واضح وصريح منه بغرابة الكلمة، وهذا ليس بصحيح، بل إن الكلمة ليست غريبة أبداً، في عصر من نزلت فيهم الكلمة على أقل تقدير، وإذا كانت غريبة على قوم فلا يعني هذا إثبات غرابتها المطلقة.
ثالثا: إن قوله بالتناسب بين جرس الكلمة وغرابتها وبين الفعل الذي تدل عليه غير صحيح، لأنه يلزم منه أن المواضع التي جاءت الأفعال فيها بشعة وجاء التعبير عنها بمفردات خفيفة معروفة غير مستغربة ينافي البلاغة، وكيف يفعل في المواضع التي كانت أفعال الخلق فيها أبشع وأفظع مما جاء في هذا الموضع، وجاء التعبير عنها بألفاظ يرى هو ﵀ وغيره أنها ليست غريبة ولا ثقيلة.
رابعاً: انه ذكر بأن لفظ كلمة: ﴿ضِيزَى﴾ غريب. وهذا مناف تمام المنافاة للمعاني التي ذكرها في كونها خفيفة لطيفة من كونها اشتملت على غنتين، وجاءت مقسومة على مقطعين ونحو ذلك من الكلام الذي نظّر به في تأييد نظريته الصوتية.
وأقتصر في الجواب عن كلامه بهذه الإلماحات الخفيفة، فليس المقام مقام الرد التفصيلي، فنظريته ﵀ كلها تحتاج إلى تحقيق أكثر وتقييم وتقويم أوسع (١).
ثالثاً: الجمل وكلماتها
ثم تكلم الرافعي عن فرع نظريته الثالث، وإجمال هذا الفرع بما يأتي:
(١) وأقصد هنا خصوص رأيه في نظرية النظم، والذي وصفه المؤلفون والباحثون المعاصرون بأنه نظرية جديدة مبتكرة، وهو حقاً مما تميز به الرافعي رحمه الله تعالى.