للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفاعل في الجملة وأن تعرف كيف تصوغه وأن تختار له مكانا في الجملة يحاكي مرادك والمعنى الذي زورته في نفسك، تقديماً وتأخيراً، وتعريفاً وتنكيراً، وفصلاً ووصلاً، وتأكيداً وعدم تأكيد، مراعاة لمراد المخاطب ولحال المخاطب.

٤) أما من حيث الترتيب؛ فتوخي النحو مرحلة سابقة عن مرحلة توخي معانيه ومتقدمة عليه.

٥) مع أن مصطلح توخي معاني النحو أكثر إبراقاً ولمعاناً من توخي النحو في الظاهر؛ إلا أن توخي النحو أصل لنظرية توخي معاني النحو لا تقوم إلا بها وعليها.

وبهذا يظهر لنا أن توخي معاني النحو ليس هو توخي النحو. وأن بينهما من الفروق ما يجعلنا نتفهم أكثر نظرية عبد القاهر، وسوف نفيد من هذه الفروق ومما سبقها من كلام في فهم مرادات العلماء والباحثين الذين عرضوا لمصطلح (النظم)، وعندها نستطيع التفريق بين كلامهم وكلام عبد القاهر في هذ الشأن.

ومما يحسن التنبيه عليه -في هذا المقام- ما رأيته من تفضيل بعض الباحثين والكُتّاب صنعة البلاغة على صنعة النحو، باعتبار أن البلاغيين يغوصون في أعماق الألفاظ ليستخرجوا منها درر المعاني وجواهرها، وأما النحويون فليسوا كذلك.

وأقول: إن هذا الكلام غير صحيح، فأهل النحو لا يقارنون بالبلاغيين؛ لسبب يسير هو أن صنعة هؤلاء تختلف عن صنعة أولئك من حيث المادة، وما هو مطلوب من النحويين ليس مطلوباً من البلاغيين، والعكس صحيح.

<<  <   >  >>