ويقول الراغب:(عجز الإنسان: مؤخره، وبه شبه مؤخر غيره. قال تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠)﴾ [القمر: ٢٠]، والعجز: أصله التأخر عن الشيء، وحصوله عند عجز الأمر، أي: مؤخره، كما ذكر في الدبر.
وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء، وهو ضد القدرة. قال تعالى: ﴿أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ﴾ [المائدة: ٣١]، وأعجزت فلانا وعجزته وعاجزته: جعلته عاجزاً. قال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ [التوبة: ٢]، ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ﴾
[الشورى: ٣١]، ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ [الحج: ٥١]، وقرئ: معجزين. فمعاجزين قيل: معناه ظانين ومقدرين أنهم يعجزوننا، لأنهم حسبوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب، وهذا في المعنى كقوله: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا﴾ [العنكبوت: ٤]، و «مُعَجِّزِينَ»: يَنسُبُون إلى العَجْزِ مَن تَبِعَ النبيَّ ﷺ، وذلك نحو: جهّلته وفسّقته، أي: نسبته إلى ذلك. وقيل معناه: مثبّطين، أي: يثبّطون الناس عن النبيّ ﷺ، كقوله: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٤٥]، وَالعَجُوزُ سمّيت لِعَجْزِهَا في كثير من الأمور. قال تعالى: ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (١٣٥)﴾ [الصافات: ١٣٥]، وقال: ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾ [هود: ٧٢]) (١).
قلت: كلام الراغب لا يبتعد كثيراً عن كلام ابن فارس، فمؤداهما قريب، حتى وإن لم يصرح الراغب بما قرره ابن فارس.