قلت: وهذا الوجه -أيضاً- لا يستقيم أن يكون وجهاً من وجوه إعجاز القرآن الكريم؛ لأنه أمرٌ خارج عن القرآن الكريم، وإن دل على شيء -في قانون الدعوى والدليل- فإنما يدل على معرفة هذا القسم من النصارى خصوصاً بأن القرآن الكريم من عند الله تعالى.
ولست أقول هذا إلا من باب التنزل، وإلا، فإن المباهلة لو افترضنا أنها حصلت، ولو افترضنا أن الله تعالى أوقع عليهم من العذاب ما أوقع، لكان بمقدورهم أن يدّعوا -كذباً- أن ما حصل لهم، ليس بسبب المباهلة، وإنما هو بسبب خارج عن المباهلة، كما يصيب جميع الناس دون مباهلة ولا عذاب ولا غيره.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هؤلاء لو أقروا بأن ما حصل لهم كان بسبب المباهلة، لم يكن في ذلك دليل على أن القرآن الكريم معجز بنفسه، لاحتمال استجابة الدعاء من غير الأنبياء ﵈. ولذلك فإن أقصى ما يقال في المباهلة: إنها دلالة على تصديق من لم يقع عليه العذاب وتكذيب من وقع عليه العذاب، ولا علاقة لذلك بخصوص قضية إعجاز القرآن الكريم، وخاصة إذا عرفنا أن جمهور العلماء على أن