التحقيق؛ وجدنا وجه إعجاز القرآن صرف العرب عن معارضته بأن سلبوا العلوم التي بها كانوا يتمكنون من المعارضة في وقت مرامهم ذلك) (١).
ثم شرع ابن سنان في تدعيم ما ذهب إليه من كلامه المجمل والتفصيلي عن الألفاظ المؤلفة والمعاني، في كلام لا نشك في أنه يرجع على نظريته الإعجازية بالنقض والسلب، وليس كما قرره وصرح به في أن إعجاز القرآن الكريم بالصرفة، وأما ما ذكره من التشابه أو إمكانيته بين القرآن وغيره من كلام العرب، فهذا أيضاً أمر غير مقبول ولا يستقيم أبداً، إذا استشهدنا بشيء يسير من شهادات العرب الفصحاء الأقحاح الذين نزل القرآن فيهم، وحكموا بصريح العبارة ولمحها بانفراد القرآن بلاغةً وفصاحةً، لفظاً ومعنىً ونظماً.
ولقد تصدى العلماء لهذا الرأي بالإبطال والإفساد.
قال الباقلاني:(ومما يبطل ما ذكروه من القول بالصرفة؛ أنه لو كانت المعارضة ممكنة -وإنما منع منها الصرفة- لم يكن الكلام معجزاً، وإنما يكون المنع هو المعجز، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه)(٢).
وقال القرطبي: (وهذا فاسد؛ لأن إجماع الأمة قبل حدوث المخالف أن القرآن هو المعجز، فلو قلنا إن المنع والصرفة هو المعجز لخرج القرآن عن كونه معجزاً، وذلك
(١) ابن سنان، الخفاجي أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد (المتوفى: ٤٦٦ هـ)، سر الفصاحة، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٠٢ هـ، ١٩٨٢ م، ص ٩٩ - ١٠٠. (٢) الباقلاني، إعجاز القرآن، ص ٣٠.