للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن علم الإعجاز من أعظم العلوم قدراً وأجلها شأناً وأنبلها شرفاً؛ ويرجع ذلك إلى أمور كثيرة أذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر ما يأتي:

أولاً: انبثاق هذا العلم عن كتاب الله تعالى، أعظم كتاب خوطبت به الخلائق على مر الدهور والعصور، فالإعجاز المراد هنا هو إعجاز القرآن الكريم لا غير، وقد نال هذا العلم شرف الإضافة إلى القرآن الكريم في قولنا: (علم إعجاز القرآن)، وكفى به شرفاً.

ثانياً: اتصال علم الإعجاز بعلوم العقيدة، بل هو من أخطرها وأدقها، فإن الله تعالى أرسل رسلاً من بني البشر، وأنزل معهم من المؤيدات ما يدل على صدق نبوتهم، وأنزل على نبينا محمد القرآن الكريم، وتحدى به الخلق كلهم؛ ليكون قائد معجزاته التي تؤيد دعواه وتصدقها. وبالنظر إلى وجوه الإعجاز المقبولة -من حيث تكييفها في الدرس الإعجازي- نجدها كلها لا تخرج عن كونها وجوهاً إعجازية، أو دلالةً من الدلالات على نبوة رسول الله على أقل تقدير.

يقول النبي : (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) (١).

وخلاصة الأمر أن إثبات الإعجاز في القرآن الكريم دليل على مصدرية القرآن وربانيته أولاً، ودليل على صدق النبي الذي أنزل عليه القرآن الكريم ثانياً، ثم دليل على


(١) أخرجه البخاري، كتاب: فضائل القرآن، باب: كيف نزول الوحي وأول ما نزل، برقم (٤٦٩٦). ومسلم: كتاب الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته، برقم (١٥٢).

<<  <   >  >>