والأخرى للولدان المخلدين ليتميز فيهما الذكور من الإناث.
وقال ابن جريج هي أربع: جنتان منهما للسابقين المقربين، فيهما من كل فاكهة زوجان، وعينان تجريان، وجنتان لأصحاب اليمين، فيهما فاكهة ونخل ورمان، وفيهما عينان نضاختان.
قال ابن زيد: الأوليان من ذَهَبٍ للمقربين، والأخريان من وَرِقٍ لأصحاب اليمين (١).
قال الشيخ ﵁: إلى هذا ذهب الحليمي أبو عبد الله الحسن بن الحسين في كتاب منهاج الدين له (٢) واحتج لما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)﴾ إلى قوله ﴿مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)﴾، قال: تانك (٣) للمقربين، وهاتان لأصحاب اليمين، وعن أبي موسى الأشعري نحو ذلك.
ولما وصف الله الجنتين أشار إلى الفرق بينهما فقال في الأوليين: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (٥٠)﴾ [الرحمن: ٥٠]، وفي الأخريين ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (٦٦)﴾ [الرحمن: ٦٦] أي فوّارتان بالماء، ولكنهما ليستا كالجاريتين؛ لأن النضخ دون الجري، وقال في الأوليين: ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (٥٢)﴾ [الرحمن: ٥٢] فعمّ ولم يخص، في الأخريين: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)﴾ [الرحمن: ٦٨] ولم يقل من كل فاكهة، وقال في الأوليين (٤): ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (٧٦)﴾ [الرحمن: ٧٦] والعبقري: الوشي، ولا شك أن ولا شك أن الديباج أعلى من الوشي، والرفرف: كسر الخباء (٥)، ولا شك أن الفرش المعدة للاتكاء عليها أفضل من فضل الخباء، وقال في الأوليين في صفة (٦) الحور العين: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨)﴾ [الرحمن: ٥٨]، وفي الأخريين: ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠)﴾
(١) ذكره الماوردي في تفسيره ٥/ ٤٤١. (٢) ١/ ٤٧٤ - ٤٧٥. (٣) في (ظ): تلك. (٤) في (ع): الأخريين، ما أثبته من (ظ) وهو موافق للترتيب في المقارنة. (٥) هكذا أيضًا في تفسير القرطبي ١٧/ ١٩١. (٦) في (ظ): وصف.