ويلبس تاجًا فيراه أصحابه فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم لا تأتنا بهذا، قال: فيأتيهم فيقولون: اللهم اخزه، فيقول: أبعدكم الله، فإن لكل رجل منكم مثل هذا. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وروي أن عيسى ﵇ مر بقبر فوكزه برجله، وقال: يا صحاب القبر قم بإذن الله، فقام إليه الرجل (١) وقال: يا روح الله ما الذي أردت (٢)؟ فإني لقائم في الحساب منذ سنة سبعين سنة حتى أتتني الصيحة الساعة أن أجب روح الله، فقال له عيسى: يا هذا لقد كنت كثير الذنوب والخطايا، ما كان عملك؟ فقال: والله يا الله ما كنت إلا حطّابًا، أحمل الحطب على رأسي آكل (٣) حلالًا وأتصدق، فقال عيسى: يا سبحان الله حطابًا يحمل الحطب على رأسه يأكل حلالًا ويتصدق وهو قائم في الحساب منذ سبعين سنة؟ ثم (٤) قال: يا روح كان من توبيخ ربي (٥) لي أن قال (٦): اكتراك عبدي فلان لتحمل له حزمة حطب فأخذت منها عودًا، فتخللت، به وألقيته في غير مكانه امتهانًا (٧) منك بي، وأنت تعلم أني أنا الله المطلع عليك وأراك (٨).
[فصل]
قال الله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ [الإسراء: ١٣]، قال الزجاج (٩): ذكر العنق عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة للعنق (١٠).
وقال إبراهيم بن أدهم (١١): كل آدمي في عنقه قلادة يكتب فيها نسخة
(١) في (ظ): الروح. (٢) في (ع، ظ): أردت مني. (٣) في (ظ): وآكل. (٤) (ثم): ليست في (ع). (٥) في (ع): الله. (٦) في (ع، ظ) قال: لي. (٧) في (ع): امتهانة. (٨) لم أقف على هذه الرواية. (٩) هو إبراهيم بن محمد بن السري، أبو إسحاق الزجاج، البغدادي، نحوي زمانه، صنف كتاب: معاني القرآن، وله كتب أخرى، توفي سنة ٣١١ هـ، السير ١٤/ ٣٦٠. (١٠) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣/ ٢٣٠. (١١) هو إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر، أحد الزهاد، حدّث عن أبي إسحاق السبيعي والأعمش وغيرهم، وحدث عنه سفيان الثوري وبقية بن الوليد وغيرهما، توفي ١٦٢ هـ، السير ٧/ ٣٨٧.