باب ما جاء في (١) عذاب القبر وأنه حق وفي اختلاف عذاب الكافرين في قبورهم وضيقها عليهم
قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: ١٢٤] قال أبو سعيد الخدري (٢) وعبد الله بن مسعود (٣)﵁"ضنكًا": عذاب القبر.
وقيل في قوله ﷿: ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الطور: ٤٧] هو: عذاب القبر (٤)؛ لأن الله ذكره عقب (٥) قوله: ﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥)﴾ [الطور: ٤٥]، وهذا اليوم هو اليوم الآخر من أيام الدنيا، فدل أن العذاب الذي هم فيه هو عذاب القبر، ولذلك قال: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الطور: ٤٧] لأنه غيب، وقال ﷿: ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ [غافر: ٤٥ - ٤٦]، فهو (٦) عذاب القبر في البرزخ وسيأتي (٧).
وقال ابن عباس (٨)﵄ في قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣)﴾ [التكاثر: ٣] ما ينزل عليكم (٩) من العذاب في القبر ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾ [التكاثر: ٤] في الآخرة إذا حل بكم العذاب، فالأول في القبر، والثاني: في الآخرة، فالتكرير للحالتين.
وروي زِر بن حُبيش عن علي (١٠) قال (١١): كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣)﴾ يعني: في القبور.
(١) (ما جاء في): ليست في (ظ). (٢) تفسير الطبري ١٦/ ٢٢٧. (٣) تفسير الطبري ١٦/ ٢٢٨. (٤) نسبه ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٧/ ٣٦ - ٣٧ لابن عباس والبراء بن عازب ﵃. (٥) في (ع، ظ) عقيب. (٦) في (ع): فهذا. (٧) (وسيأتي): ليست في (ع). (٨) لم أقف على من ذكر قوله. (٩) في (ع): بكم. (١٠) في (ع، ظ): علي ﵁. (١١) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره ٣٠/ ٢٨٤.