وخرج مسلم (١) أيضًا عن أبي هريرة ﵁(٢) عن النبي ﷺ قال: "يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير".
[فصل]
للعلماء في تأويل هذا الحديث وجهان:
أحدهما: أنها مثلها في الخوف [والهيبة والطير أكثر الحيوانات خوفًا حتى قالوا: أحذر من غراب، وقد غلب الخوف](٣) على كثير من السلف حتى انصدعت قلوبهم فماتوا.
الثاني: أنها مثلها في الضعف والرقة، كما جاء في (٤) الحديث الآخر في أهل اليمن: "هم أرق قلوبًا، وأضعف أفئدة".
قلت: ويحتمل وجهًا ثالثًا: أنها مثلها في أنها عارية (٥) من كل ذنب، سليمة من كل عيب، لا خبرة لهم بأمور الدنيا، كما روى أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "أكثر أهل الجنة البله"(٦)، وهو حديث صحيح، أي البله عن معاصي الله، والله أعلم.
قال الأزهري (٧): الأبله في كلامهم على وجوه يقولون: عيش أبله، إذا كان ناعمًا، ومنه أخذ بلهنية العيش. قال بعضهم: وطال ما عشت في بلهنية.
والأبله: الذي لا عقل له، والأبله: الذي طبع على الخير وهو غافل عن الشر لا يعرفه، وقال: هذا هو المراد بالحديث.
(١) في صحيحه ٤/ ٢١٨٣، ح ٢٨٤٠. (٢) (وخرج مسلم أيضًا عن أبي هريرة ﵁): ليست في (ع، ظ)، وفيهما: وعنه عن النبي ﷺ قال: يدخل أقوام. (٣) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ). (٤) (في): ساقطة من (ع). (٥) في (ع، ظ): خالية. (٦) الحديث في مسند الشهاب للقضاعي ٢/ ١١٠، ح ٩٨٩؛ والفردوس للديلمي ١/ ٣٦٢، ح ١٤٦٤؛ وشعب الإيمان للبيهقي، ٢/ ١٢٦، ح ١٣٦٧؛ قال ابن الجوزي: هذا الحديث لا يصح، انظر: العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ٢/ ٩٣٤. (٧) في كتابه تهذيب اللغة ٦/ ٣١١.