المؤمن المنعم (١) عن أحوال المعذب الشقي ليستبين له سبيل الفائدة كما فعل بأهل الجنة وأهل النار حيث يقول: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥)﴾ [الصافات: ٥٥]، وكما قال ﷾: ﴿وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٧)﴾ [الأعراف: ٤٧]؛ لأن أربعًا لا يعرف قدرها إلا أربع: لا يعرف قدر الحياة إلا الموتى، [ولا يعرف قدر الصحة إلا أهل السُّقْم، ولا يعرف قدر الشباب إلا أصحاب (٢) الهرم] (٣)، ولا يعرف قدر الأغنياء إلا الفقراء. ومن الناس من يبقى على قدميه وعلى أطراف (٤) بنانه [و](٥) نوره يطفأ تارة (٦) ويشتعل أخرى، وإنما هم عند البعث على قدر إيمانهم وأعمالهم.
وقد مضى في باب: يبعث كل عبد على ما مات عليه ما فيه كفاية والحمد لله.
باب في الجمع بين آيات وردت في الكتاب (٧) في الحشر ظاهرها التعارض
منها قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ [يونس: ٤٥]، وقال: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا﴾ [الإسراء: ٩٧]، وفي آية ثالثة إنهم كانوا يقولون: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس: ٥٢]، وهذا كلام وهو متضاد والبكم، والتعارف تخاطب (٨)، وهو مضاد للصمم والبكم
(١) في (الأصل): الغم، تصويبه من (ع، ظ، كشف علوم الآخرة). (٢) في (كشف علوم الآخرة): أهل. (٣) ما بين المعقوفتين من (ع، وكشف علوم الآخرة). (٤) في (الأصل، ظ): طرف، وما أثبته من (ع، مصدر المصنف). (٥) ما بين المعقوفتين من (ع، كشف علوم الآخرة). (٦) في (الأصل، ظ): مرة، وما أثبته من (ع، مصدر المصنف). (٧) في الكتاب ليست في (ع)، وفي (ظ): في كتاب الحشر. (٨) في (الأصل): والعارف يخاطب، والتصويب من (ع، ظ).