عن معمر بن راشد عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا فرغ الله من القضاء (١) بين خلقه أخرج كتابًا من تحت العرش: إن رحمتي سبقت غضبي، وأنا أرحم الراحمين، قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة، أو قال: مثلي أهل الجنة، قال: وأكثر ظني أنه قال: مثلي (٢) أهل الجنة مكتوب بين أعينهم عتقاء الله".
[فصل]
هذا الحديث بين في أن الإيمان يزيد وينقص حسب ما بيناه في آخر سورة آل عمران من كتاب جامع أحكام القرآن (٣)، فإن قوله:"أخرجوا من في قلبه مثقال دينار، نصف دينار، ذرة"، يدل على ذلك، وقوله:"من خير": يريد من إيمان، وكذلك ما جاء ذكره [من حديث قتادة عن أنس "وكان في قلبه] (٤) من الخير ما يزن برة، ما يزن شعيرة (٥)، ما يزن ذرة"، أي من الإيمان بدليل الرواية الآخرة (٦) التي رواها معبد بن هلال العنزي عن أنس، وفيها:"فأقول: يا رب أمتي، أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها فأنطلق فأفعل"، الحديث بطوله خرّجه مسلم (٧)، فقوله: من إيمان أي من أعمال الإيمان التي هي أعمال الجوارح، فيكون فيه دلالة على أن الأعمال الصالحة من شرائع الإيمان.
وقد قيل: إن المراد في هذا الحديث: أعمال القلوب، كأنه يقول: أخرجوا من عمل عملًا بنية من قلبه، كقوله: الأعمال بالنيات.
(١) في (ع): القصاص. (٢) في (ع): مثل. (٣) ٤/ ٢٨٠. (٤) ما بين المعقوفتين من: (ع، ظ). (٥) في (ع، ظ): ما يزن شعيرة ما يزن برة، والأصل متوافق مع صحيح مسلم. (٦) في (ع، ظ): الأخرى. (٧) في صحيحه ١/ ١٨٢، ح ١٩٣.