وقال ابن عباس: ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة، وقوة الواحد منهم أن يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم (١).
وأما قوله تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)﴾ [المدثر: ٣٠]، فالمراد: رؤساؤهم (٢)، على ما يأتي (٣).
وأما جملتهم: فالعبارة عنها كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ [المدثر: ٣١].
[[[فصل]
قال العلماء (٤): إنما خُصّ النبي ﷺ بردِّها وقمعها وكفها عن أهل المحشر دون غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم؛ لأنه رآها في مسراه، وعرضت عليه في صلاته، حسب ما ثبت في الصحيح، قالوا: وفي ذلك فوائد ثمان:
الأولى: أن الكفار لما كانوا يستهزئون به ويكذبون قوله: ويؤذونه أشد الأذى، أراه الله تعالى النار التي أعدها للمستخفين به وبأمره تطمينًا لقلبه، وتسكينًا لفؤاده واجتباية (٥).
الثانية: الإشارة في ذلك إلى أن من طيّب قلبه في شأن أعدائه بالإهانة والأسقام فأولى أن يُطَيَّبَ قلبَه في شأن أوليائه بالتحية والشفاعة والإكرام.
الفائدة الثالثة: ويحتمل أنه عرضها عليه؛ ليعلم مَنّة الله تعالى عليه حين أنقذهم منها ببركته وشفاعته.
الفائدة الرابعة: ويحتمل أنه عرضها عليه؛ ليكون في القيامة إذا قال سائر الأنبياء: نفسي نفسي، يقول نبينا وشفيعنا محمد ﷺ: أمتي أمتي، وذلك حين
(١) ذكره الطبري في تفسيره عن كعب الأحبار ١٦/ ١٠٩. (٢) في (ع): رؤوسًا. (٣) ص (٨٥١ - ٨٥٢). (٤) في (ظ): قال علماؤنا. (٥) (واجتباية): ليست في (ظ).