[فصلت: ٢٦]، وأن قوم نوح ﵇ كانوا يستغشون ثيابهم تسترًا منه لئلا يروه ولا يسمعوا كلامه (١)، وقد أخبر الله، وقد أخبر الله (٢) عن الكفار [في](٣) وقت نبينا ﵊ مثله، فقال: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ [هود: ٥]، وإن سلبت أبصارهم فلأنهم أبصروا العبر فلم يعتبروا، والنطق فلأنهم أوتوه فكفروا، فهذا وجه الجمع بين الآيات على ما قاله علماؤنا والله ﷿ أعلم.
باب ما جاء في حشر الناس إلى الله ﷿ حفاة عراة غرلًا
وفي أول من يكسى منهم، وفي أول ما يتكلم من الإنسان
مسلم (٤) عن ابن عباس ﵄ قال: قام فينا رسول الله ﷺ بموعظة فقال: يا أيها الناس إنكم (٥) تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلًا ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤]، ألا وإن أول الناس يكسى (٦) يوم القيامة إبراهيم ﵊، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي، فيقول (٧): إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ (٨)﴾ إلى قوله: ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٧ - ١١٨]، فيقال إنهم لم يزالوا مدبرين مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. أخرجه البخاري (٩) أيضًا.
والترمذي (١٠) عن معاوية بن حيدة عن النبي ﷺ في حديث ذكره قال:
(١) يشير إلى قوله: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (٧)﴾. (٢) في (ظ): الله تعالى. (٣) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ). (٤) في صحيحه ٤/ ٢١٩٤، ح ٢٨٦٠. (٥) (إنكم): ليست في (ع). (٦) في (مسلم): وإن أول الخلائق يكسى، وفي (ظ): من يكسى. (٧) في (ع، مسلم): فيقال. (٨) في (ع): زيادة ﴿فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي﴾. (٩) في صحيحه ٣/ ١٢٢٢، ح ٣١٧١. (١٠) لم أجده في الترمذي بهذا اللفظ، ويوجد فيه مختصرًا ٥/ ٢٢٦، ح ٣٠٠١، وقد حسنه الألباني، انظر: صحيح جامع الترمذي له ٣/ ٣٢، ح ٢٣٩٩.