اسمي ويحك (١) هل سمعت بغدرة … رفع اللواء لنا بها في المجمع
وكانت العرب ترفع للغادر لواء في المحافل (٢)، وكذلك يطاف بالجاني مع جنايته، وذهب بعض العلماء إلى أن ما يجيء به الغال يحمله: عبارة عن وزر ذلك، وشهرة الأمر أن يأتي يوم القيامة قد شهر الله تعالى أمره، كما يشهر لو حمل بعيرًا له رغاء أو فرسًا له حمحمة.
قلت: وهذا عدول في (٣) الحقيقة إلى المجاز والتشبيه، وقد أخبر النبي ﷺ بالحقيقة فهو أولى، وقد روى أبو داود (٤) عن سمرة بن جندب (٥)﵁ قال: "كان رسول الله ﷺ إذا أصاب غنيمة أمر بلالًا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم (٦) فيخمسه ويقسمه، فجاءه (٧) رجل يومًا بعد النداء بزمام من شعر، فقال: يا رسول الله هذا كان فيما أصبناه من الغنيمة، فقال: أسمعت بلالًا ينادي ثلاثًا؟ قال: نعم قال: فما منعك أن تجيء به؟ فاعتذر إليه، فقال: كلا، أن تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك (٨) ".
وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال: "إن الحجر ليزن سبع خَلِفَات (٩) ليلقى في جهنم فيهوي فيها سبعين خريفًا، ويؤتى بالغلول فيلقى معه، ثم يكلف صاحبه أن يأتي به، قال: فهو قول الله ﷿: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ
(١) في (ع): ويل، وتحتمل: ويك. (٢) في (ع): في المحافل ومواسم الحج. (٣) في (ع): عن، وما في (ع) أصوب. (٤) في سننه ٣/ ٦٨، ح ٢٧١٢؛ وابن حبان في صحيحه ١١/ ١٣٨، ح ٤٨٠٩، حسنه الألباني، انظر: صحيح أبي داود ٢/ ١٥٩، ح ٢٧١٢. (٥) في (سنن أبي داود وصحيح ابن حبان): عن عبد الله بن عمرو بن العاص. (٦) في (ع): بمغانمهم. (٧) في (ع، ظ): فجاء. (٨) في (أبي داود، وابن حبان): كن أن تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك، وفي (ابن حبان): فلن أقبله منك. (٩) الخَلِفَة: بفتح الخاء، وكسر اللام: الحامل من النوق، وتجمع على خَلِفات وخلائف، النهاية في غريب الحديث ٢/ ٦٨.