﴿تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾ منطلقًا بكم إلى النار، ما لكم من الله من عاصم أي مانع يمنعكم، فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧)﴾ إلى أن قال: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [النازعات: ٦ - ١٣]، وهذا يقتضي بظاهره أنها ثلاث، قيل له ليس كذلك، وإنما المراد بالزجرة: النفخة الثانية التي يكون عنها خروج الخلق من قبورهم، كذلك قال ابن عباس (١) ومجاهد وعطاء (٢) وابن زيد (٣) وغيرهم، قال مجاهد: هما صيحتان، أما الأولى فتميت كل شيء بإذن الله، وأما الآخرة فيحيى كل شيء بإذن الله (٤).
وقال مجاهد (٥) أيضًا: الرادفة حين تنشق السماء، وتحمل الأرض والجبال فتدك دكة واحدة.
وقال عطاء: الراجفة القيامة، والرادفة البعث (٦).
وقال ابن زيد (٧): الراجفة الموت، والرادفة الساعة، وهذا (٨) يبين لك ما قلناه من أن (٩) المراد بالرجفة (١٠) النفخة الثانية، والله أعلم.
واختلفوا في الساهرة اختلافًا كثيرًا، فقال ابن عباس (١١)﵄ وأما الساهرة فأرض من فضة بيضاء لم يعص الله عليها طرفة عين، خلقها الله (١٢) يومئذ وهو قوله تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض.
وقال بعضهم: الساهرة اسم الأرض السابعة يأتي الله بها فيحاسب عليها الخلائق، وذلك حين تبدل الأرض غير الأرض (١٣).
وقال قتادة (١٤): جهنم، أي فإذا هؤلاء الكفار في جهنم.
(١) ذكره الطبري في تفسيره ٣٠/ ٣١. (٢) لم أجد من ذكر قول عطاء. (٣) ذكره الطبري في تفسيره ٣٠/ ٣٢ عنه بنحوه. (٤) هذا القول ذكره الطبري في تفسيره عن الحسن البصري ٣٠/ ٣١. (٥) ذكره الطبري في تفسيره ٣٠/ ٣٢. (٦) ذكره البغوي في تفسيره ٤/ ٤٤٣. (٧) ذكره الطبري في تفسيره ٣٠/ ٣٢. (٨) في (ع، ظ): فهذا. (٩) (أن) ليست في (ظ). (١٠) في (ع، ظ) بالزجرة. (١١) ذكره الماوردي في تفسيره ٦/ ١٩٦. (١٢) (لفظ الجلالة): ليس في (ع). (١٣) لم أقف على من قال به. (١٤) ذكره الطبري في تفسيره ٣٠/ ٣٨.