يجعله مما يُلقى على وجه الأرض تأكله الطير والعوافي، قاله (١) الفرَّاء (٢)، وقال أبو عبيدة (٣): أقبره: جعل له قبرًا، وأمر أن يقبر، قال أبو عبيدة: ولما قتل عمرُ بنُ هبيرة صالحَ بنَ عبد الرحمن قالت بنو تميم ودخلوا عليه: أقبرنا صالحًا، فقال: دونكموه (٤).
وحكم القبر أن يكون مسنمًا (٥) مرفوعًا على وجه الأرض قليلًا غير مبني بالطين والحجارة والجص فإن ذلك منهي عنه.
وروى مسلم (٦) عن جابر ﵁ قال: "نهى رسول الله ﷺ أن يُجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يُبنى عليه"، وخرجه (٧) الترمذي (٨) أيضًا عن جابر ﵁ قال: نهى رسول الله ﷺ"أن تُجصص القبور، وأن يُكتب عليها، وأن يُبنى عليها، وأن توطأ"، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
قال علماؤنا (٩)﵏(١٠): كره (١١) مالك تجصيص القبور؛ لأن ذلك من المباهاة وزينة الدنيا (١٢) وتلك منازل الآخرة وليس بموضع الزينة، وإنما يزين الميت في قبره (١٣) عمله.
وأنشدوا (١٤):
(١) في (الأصل): قال، والتصويب من (ع، ظ). (٢) معاني القرآن لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء ٣/ ٢٣٧. (٣) معمر بن المثنى التيمي مولاهم البصري، النحوي، صاحب التصانيف، منها: مجاز القرآن، غريب الحديث، وغيرها، حدّث عنه: أبو عبيد القاسم بن سلام، وغيره، مات سنة ٢٠٩ هـ، سير أعلام النبلاء ٩/ ٤٤٥. (٤) مجاز القرآن لأبي عبيد معمر بن المثنى ٢/ ٢٨٦. (٥) تسنيم القبر خلاف تسطيحه، الصحاح للجوهري ٥/ ١٩٥٥. (٦) في الصحيح ٢/ ٦٦٧، ح ٩٧٠. (٧) في (ع): وخرّج. (٨) في جامعه ٣/ ٣٦٨، ح ١٠٥٢؛ والنسائي في المجتبى ٤/ ٨٦، ح ٢٠٢٧؛ وابن ماجه ١/ ٤٩٨، ح ١٥٦٢، صححه الألباني، انظر: صحيح سنن الترمذي ١/ ٣٠٧، ح ٨٤١. (٩) لم أقف على القائل، وكراهية الإمام مالك لذلك في مدونته الكبرى ١/ ١٨٩. (١٠) في (ع، ظ): رحمة الله عليهم. (١١) في (ع): وكره. (١٢) في (ع): الحياة الدنيا. (١٣) في (ظ): إنما يزين المؤمن في القبر. (١٤) لم أقف على القائل.