"إن الله ﷿ إذا أراد (١) بعبد خيرًا استعمله، فقيل: كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت"، قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح (٢).
قلت: ومنه الحديث الآخر: "إذا أراد الله بعبد خيرًا عَسَلَه (٣)، قالوا: يا رسول الله وما عَسَلَه (٤)؟ فقال: يفتح الله له عملًا صالحًا بين يدي موته حتى يرضى عنه من حوله"(٥).
وعن قتادة في تفسير قوله تعالى: ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ﴾ [الواقعة: ٨٩].
قال: الرَّوح، الرحمة (٦)، والريحان تتلقاه به عند الموت.
وروى ابن جريج (٧) عن النبي ﷺ أنه قال لعائشة في تفسير قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩)﴾ [المؤمنون: ٩٩]: "إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا: نرجعك إلى الدنيا؟ فيقول: إلى دار الهموم، والأحزان؟ ويقول: قُدمًا إلى الله ﷿، وأما الكافر فيقال (٨): نرجعك؟ فيقول: ﴿ارْجِعُونِ (٩٩)(٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا (١٠)﴾ [المؤمنون: ٩٩ - ١٠٠] الآية (١١).
وأما قوله في الحديث: "حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله" تعالى،
(١) في (الترمذي): إذا أراد الله بعبد خيرًا. (٢) في (الترمذي) حسن صحيح. (٣) في (الأصل) و (ظ): غسله، وفي (ع): غسلّه، وما أثبته من: (م، وصحيح ابن حبان، وأحمد، والطبراني في الكبير)، وفي غريب الأثر لابن الأثير: العسل طيب الثناء، ومنه الحديث: "إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عسله في الناس" أي طيّب ثناءه فيهم ٣/ ٢٣٧. (٤) يقال فيها ما قيل في الحاشية السابقة بالإضافة إلى مجيئها في (ظ): عسله. (٥) أخرجه ابن حبان في صحيحه ٢/ ٥٤، ح ٣٤٢؛ و ٢/ ٥٥، ح ٣٤٣، قال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم ٢/ ٥٤؛ وأحمد ٤/ ٢٠٠، ح ١٧٨١٩؛ والطبراني في الكبير ٨/ ١١٠، ح ٧٥٢٢. (٦) في (ع): والرحمة، وإلى هذا الموضع ذكره البغوي عن قتادة في تفسيره ٤/ ٢٩١. (٧) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام الحافظ، أبو الوليد الأموي، مات سنة ١٤٩ هـ، سير أعلام النبلاء ٦/ ٣٢٥. (٨) في (ع): فيقول. (٩) في (ظ): ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾. (١٠) في (ظ): ﴿صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾. (١١) أخرجه الطبري في تفسيره ١٨/ ٥٢.