ينبغي للناس أن يغضبوا لأمر الله تعالى في أن تنتهك فرائضه وحرمه، والذي أتت به كتبه وأنبياؤه، أو قال: يخالف كتابه.
قال أبو الحسن القابسي: الذي يلزم الحق ويغضب لأمر الله تعالى على بينة من النجاة، قال رسول الله ﷺ:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم (١) أمر الله"(٢).
قال أبو عمر: وروى أشهب بن عبد العزيز قال: قال مالك: لا ينبغي الإقامة في أرض يكون العمل فيها بغير الحق والسب للسلف.
قال أبو عمر: أما قول مالك هذا فمعناه: إذا وجد بلدًا يُعْمَلُ فيه (٣) بالحق في الأغلب.
وقد قال عمر بن عبد العزيز ﵁: فلان بالمدينة وفلان بمكة (٤) وفلان: باليمن وفلان بالعراق وفلان بالشام امتلأت الأرض والله جورًا وظلمًا (٥).
قال أبو عمر (٦): فأين المهرب إلا إلى السكوت ولزوم البيوت والرضى بأقل قوت.
[وكان سفيان الثوري يقول: هذا زمان سوء لا يؤمن فيه على الخاملين فكيف بالمشهورين، هذا زمان ينتقل فيه الرجل من قرية إلى قرية يفر بدينه من الفتن. ويحكى عنه (٧) أنه قال: والله ما أدري أي البلاد أسكن؟ فقيل له: خراسان، فقال: مذاهب مختلفة، وآراء فاسدة، فقيل له: الشام. قال يشار إليك بالأصابع، أراد الشهرة، فقيل له: فالعراق، قال: بلد الجبابرة، فقيل له: فمكة، قال: تذيب الكيس والبدن.
(١) في (ع): حتى يأتي. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٣/ ١٥٢٣، ح ١٩٢٠. (٣) في (ع): فيها. (٤) من هذا الموضع في الأصل بياض في بعض الكلمات والأخرف أكملته من (ع، ظ). (٥) لم أقف عليه. (٦) انظر: التمهيد ١٧/ ٤٤٣. (٧) في (ظ): أنه.