وقد أوصى عمر -رضي الله عنه - القضاة بفهم الواقعة وتفسيرها في كتابه الذي بعثه إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه -؛ فقال:"فافهم إذا أدلي إليك"(١)، وقال:"الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك"(٢).
فلا بُدَّ لفهم الواقعة وتصورها من تفسيرها، فالمطلوب من الحاكم كما يقول ابن القَيِّمِ (ت: ٧٥١ هـ): "أَنْ يعلم ما يقع، ثم يحكم فيه بما يجب"(٣).
وقد ذكر الفقهاء جملة من الآداب للقاضي تعود لفهم الواقعة، وتصورها، وتفسيرها، من ذلك: كون القاضي عارفًا بلغة ولهجات البلد التي يلي الحكم فيها (٤)، يقول ابن المناصف (ت: ٦٢٠ هـ) - في شروط الكمال الذي القاضي-: "أَنْ يكون عارفًا بما لا بُدَّ منه من العربية، واختلاف المعاني للعبارات فإنَّ الأحكام تختلف
(١) رواه الدارقطني في سننه ٢/ ١١١ وهو رقم ٤٤٢٦، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ١٥٠، وصححه الألباني في الإرواء ٨/ ٢٤١، وهو قطعة من خطاب عمر -رضي الله عنه - الموجه إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه - والذي رواه أبو المليح الهذلي، وقوى الشيخ أحمد شاكر إسناده عن سفيان بن عيينة عن إدريس [انظر: تعليق أحمد شاكر على المحلى لابن حزم ١/ ٦٠]. (٢) المصادر نفسها في الهامش السابق. (٣) إعلام الموقعين ١/ ١٠٥. (٤) شرح المنتهى ٣/ ٤٦٨، المجموع ١/ ٨٢.