ومتى فاته واحد منها حصل له الغلط واختل الحكم" (١).
فإدخال الواقعة في الحكم الكلي هو التَّوْصِيف المطلوب، وهو اجتهاد لا بُدَّ منه للقاضي، فدَلَّ على مشروعيته.
٤ - وفَعَلَه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزَّل الأحكام الكلية على الوقائع الجزئية؛ فلما كسرت الرُّبيِّع عمة أنس بن النضر ثنية جارية اختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبوا إلَّا القصاص، فقضى بكسر ثنية الربيع قصاصًا؛ تطبيقًا لقوله- تعالى-: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة: ٤٥](٢).
فعن أنس: "أَنَّ الرُّبَيِّع- عمته- كسرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو فأبوا، فعرضوا الأرش (٣)، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبوا إلَّا القصاص، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله، أتكسر ثنية الربيع؟ ! لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها (٤)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أنس، كتاب الله القصاص، فرضي
(١) بهجة قلوب الأبرار ٢٤٠. (٢) شرح مسلم للنووي ١١/ ١٦٢ - ١٦٣، فتح الباري ٨/ ١٧٧. (٣) الأرش: ما يأخذه المجني عليه عما أصابه من الجنايات والجراحات جبرًا لما حصل فيها من النقص. [النهاية في غريب الحديث: ١/ ٣٩]. (٤) قوله: "لا تكسر ثنيتها" المراد به الرغبة إلى مستحق القصاص بالعفو، لا رد الحكم الشرعي [شرح مسلم للنووي ١١/ ١٦٣].