يأكل الهدية، فجهة الصدقة عليها غير جهة الهدية منها، والتحريم الكلي على الصفة لا على العين (١)، وقد باشر النبي - صلى الله عليه وسلم - تَوْصِيف الواقعة بنفسه، فدَلَّ على مشروعية تَوْصيف الواقعة في الإِفتاء والقضاء.
٢ - عن عمرو بن العاص- رضي الله عنه- أَنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا حكم الحاكم فاجتهد ثمَّ أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثمَّ أخطأ فله أجر"(٢).
فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - القاضي بالاجتهاد إذا أراد الحكم، وأخبر بما له من الأجر (٣)، ومن اجتهاد القاضي تَوْصِيف القضية بتحلية الواقعة بالأوصاف الشرعية المقررة في الحكم الكلي.
يقول ابن سعدي (ت: ١٣٧٦ هـ): في شرح هذا الحديث: "ودَلَّ على أَنَّه لا بُدَّ للحاكم من الاجتهاد، وهو نوعان: اجتهاد في إدخال القضية التي وقع فيها التحاكم بالأحكام الشرعية، واجتهاد في تنفيذ ذلك الحق على القريب والصديق وضدهما ... "(٤)، فإدخال الواقعة في الحكم الشرعي هو التَّوصيف للقضية، وهو اجتهاد لا بُدَّ منه.
(١) فتح الباري ٥/ ٢٠٤، ٩/ ٤١٤، بدائع الفوائد ٤/ ١٣٤٢. (٢) متفق عليه، واللفظ لمسلم، فقد رواه البخاري (الفتح ١٣/ ٧١٨)، وهو برقم ٧٣٥٢، ومسلم (٣/ ١٣٤٢)، وهو برقم ١٧١٦. (٣) تفسير القرطبي ١١/ ٣١٠. (٤) بهجة قلوب الأبرار ١٤٨.