وهكذا سبب ورود الحديث كسبب النزول مما يعين على فهم الحديث، وتفسيره، واستنباط الحكم وتقريره (١)؛ قال السيوطي (ت: ٩١١ هـ): "فبذكر السبب يتبين الفقه في المسألة"(٢).
مثال ذلك: عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"سموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"(٣).
وهذا النهي عن التكني بكنية النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس على عمومه، بل هو خَاصّ بحياته - صلى الله عليه وسلم -، فبعد وفاته لا يكره التكني بكنيته (٤)؛ لأَنَّ التكنية بكنيته في حياته مما يجعله ملتبسًا بغيره عند مناداته، فَمُنع ذلك في حياته، وجاز بعدها؛ يبين ذلك سبب ورود الحديث: فعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في السوق، فقال رجل: يا أبا القاسم، فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنّما دعوت هذا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: سموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"(٥).
(١) أسباب ورود الحديث ٦٥، ومقدمة المحقق عليه ١١ - ١٧، البيان والتعريف ١/ ٣٢، الموافقات ٣/ ٣٥٢. (٢) تدريب الراوي ٢/ ٣٩٥. (٣) متفق عليه، فقد رواه البخاري (الفتح ٦/ ٥٦٠) وهو برقم ٣٥٣٨، ومسلم ٣/ ١٦٨٢، وهو برقم ٢١٣٣/ ٣ - ٦. (٤) تصحيح الفروع ٣/ ٥٦٥، الكشاف ٣/ ٢٧، حاشية ابن قاسم على الروض المربع ٤/ ٢٤٧، فتح الباري ١٠/ ٥٧٢، شرح النووي لمسلم ١٤/ ١١٢. (٥) متفق عليه، فقد رواه البخاري (الفتح ٤/ ٣٣٩)، وهو برقم ٢١٢٠، ورقم ٢١٢١، ومسلم ٣/ ١٦٨٢، وهو برقم ٢١٣١.