انفتح له أفقٌ من الاستنباط والتأصيل والتقعيد ممن سبقه لم يخطر له على بال لو أعرض عن هذا التراث وأهمله (١).
ولقد كان الإِمام أحمد (ت: ٢٤١ هـ) يقول لبعض أَصْحَابه: "إياك أَنْ تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام"(٢)، وكان يقول -أيضًا-: "إذا جاءت المسألة ليس فيها أثر فأَفْتِ فيها بقول الشافعي"(٣)، وكان يقول -أيضًا -كما في رواية المروذي (ت: ٢٧٥ هـ): "إذا سئلتُ عن مسألة لم أعرف فيها خبرًا قلتُ فيها بقول الشافعي؛ لأَنَّه إمام عالم من قريش"(٤).
وقال الشافعي (ت: ٢٠٤ هـ) في مسألة في الحج: "قلته تقليدًا لعطاء"(٥)، فتواصل الفقهاء مستمر دائم، يستفيد لاحقهم من سابقهم ولو كان إمامًا مجتهدًا؛ لأَنَه يجدهم قد كَفَوْهُ مؤونة التصوير، والتأصيل، والتفصيل، فينظر في أقاويلهم فيسبرها ويخبرها وينتقدها، فيختار أرجحها وأصحها، فيكون هو متفرغًا للاختيار، والتنقيح، والتكميل (٦).