وزاد "المنهاج" التصريح بتحريم التفريق، فقال [ص ٢١٧]: (ويحرم التفريق بين الأم والولد حتى يُمَيِّز، وفي قولٍ: حتى يبلغ، وإذا فُرِّق ببيعٍ أو هبةٍ .. بطلا في الأظهر)، لكن في عبارته أشياء:
أحدها: أن مقتضاها: تحريم التفريق مطلقاً، واختصاص البطلان بما إذا كان ببيع أو هبة، والمنقول: أنه لا يحرم التفريق بالعتق، وكذا بالوصية على المذهب، وقد ذكرهما "الحاوي"(١)، وفي الرد بالعيب خلاف، الأصح: منعه، وصحح ابن الرفعة: جوازه، وجوز صاحب "التنبيه" في كتابه المسمى "بالنكت والعيون" في الخلاف: جوازه بالفسخ، حكاه عنه في "الروضة" تبعاً لأصله، وأقره (٢)، واستبعده السبكي.
وفي "المطلب": المشهور: منع التفريق بالتقايل (٣)، وعن "فتاوى الغزالي": أن التفرقة بالسفر كالتفرقة بالبيع (٤)، واقتصر "التنبيه" على حكم التفرقة بالبيع، وضم "المنهاج" و"الحاوي" إليه الهبة، وزاد "الحاوي" القسمة، واعترض عليه: بأن منع التفريق بالقسمة مفرع على أنها بيع، فعلى القول بأنها إقرار .. يجوز قولاً واحداً، ذكره ابن داوود، فهي حينئذ داخلة في البيع، فلا حاجة لعطفها عليه، والعذر له: أنها في الصورة، واللفظ غير البيع، وإن كانت بيعاً حكماً.
الشيء الثاني: في كلام "المنهاج" إتيانه بضمير التثنية في قوله: (بطلا) مع العطف بـ (أو)، والصواب: الإفراد؛ لأن (أو) لأحد الشيئين، وقد وقع له هذا في مواضع.
الثالث: تعبيره بالأظهر يقتضي أن الخلاف قولان، وهو الصواب، لكن في "المحرر" وجهان (٥).
الرابع: محل القولين: بعد سقيه اللبأ (٦)، قاله أبو الفرج الزاز، زاد الماوردي: ووجود مرضعة (٧)، وفي عبارتهما معاً أمران:
أحدهما: الاقتصار على الأم، والأصح: أن كلًّا من الجدة - أم الأمِّ - والأبِ كالأم عند عدمها، لا مع وجودها، وقد ذكر ذلك "الحاوي" بقوله [ص ٢٦٦]: (أو بتفريق الأم ثم أمها، أو
(١) الحاوي (ص ٢٦٦). (٢) الروضة (٣/ ٤١٥). (٣) تقايل البيعان: تفاسخا صفقتهما. انظر "لسان العرب" (١١/ ٥٧٩). (٤) فتاوى الغزالي (ص ٥٢، ٥٣) مسألة (٤٩). (٥) المحرر (ص ١٤٢). (٦) اللبأ: أول اللبن في النتاج. انظر "مختار الصحاح" (ص ٢٤٦). (٧) انظر "الحاوي الكبير" (٦/ ٥٣).