وظاهر إطلاق الماوردي: الجواز مطلقًا (١)، ومقتضى عبارته: أنَّه لا يتوقف الأخذ للدواء على وجود السبب، بل يجوز تحصيله وادخاره له، ومقتضى تعبير " أصل الروضة" بقوله: (ولو احتيج إلى شيء من نبات الحرم للدواء)(٢) خلافه، ونازع في "المهمات" في الخلاف في جواز الأخذ للدواء، وقال: الخلاف في الضمان، وأما الأخذ: فجائز قطعًا، وعبر "الحاوي" بعبارة تتناول العلف والدواء فقال [ص ٢٥٥]: (ولحاجةٍ)، وتتناول أمرين آخرين:
أحدهما: لو قطع غير الإذخر للحاجة التي يُقطع لها الإذخر؛ كتسقيف البيوت .. فهو كقطعه للدواء كما قاله الغزالي في "البسيط" و"الوسيط"(٣)، قال في "المهمات": وقلّ من تعرض لهذه المسألة.
ثانيهما: ما يُتغذى به؛ كالرجلة والنبات المسمى في الحجاز بالبقلة ونحوها، فذكر المحب الطَّبري: أنَّه يجوز قطعه؛ لأنه في معنى الزرع، وهو داخل في التعبير بالحاجة، ومقتضى اقتصارهم على النبات: أن ذلك لا يتعدى لغيره، لكن صحح النووي: تحريم إخراج تراب الحرم إلى الحل وأحجاره، ونص عليه الشَّافعي، وأطلق الرافعي كراهته، قال في "شرح المهذب": وهي عبارة كثيرين، أو الأكثرين (٤).
١٦٢٨ - قولهما:(ويحرم صيد المدينة)(٥) فيه أمران:
أحدهما: أنَّه كان ينبغي التعبير بحرم المدينة، كما في "المحرر" و"الروضة"(٦) فإن التحريم لا يختص بالمدينة، وهو في العَرْضِ: ما بين لابتيها؛ أي: الحرتين، وهي: الحجارة السود، وفي الطول: من عَيْر إلى ثور، كما ثبت في "الصحيح"(٧).
وأنكر بعضهم ثورًا، وقال: إنه لا يعرف بالمدينة، وقال: وصوابه: أُحد. وَرُدَّ: بأن ثورًا جبل صغير وراء أُحد، يعرفه أهل المدينة، فأُحُدٌ داخل في الحرم.
ثانيهما: أن ذلك لا يختص بالصيد؛ فالنبات كذلك، كما نقله في "شرح المهذب" عن الشَّافعي والأصحاب (٨)، وسلم "الحاوي" من الأمرين، فقال بعد ذكر تحريم الصيد والنبات: