(وقيل: لا يحرم قلع ما أنبته الآدمي، والأول هو المنصوص) وهذا يقتضي أن الثاني وجه، لكنه قولٌ، ثم قال "التنبيه"[ص ٧٤]: (ويحرم قطع حشيش الحرم) قال النووي في "التحرير": كان ينبغي أن يعبر بالقلع عوضًا عن القطع؛ فإن الحشيش هو اليابس، ولا يحرم قطعه، وإنَّما يحرم قلعه خاصة (١)، أي: بلا خلاف، بخلاف الرطب، فإنه يحرم قطعه وقلعه، فلو عبر بـ (الخلا) .. لكن أولى، لكن حكي عن أبي عبيدة معمر بنُ المثنى: أن الحشيش يكون للرطب واليابس (٢)، وخرج بهذه العبارة: الزروع، كالحنطة، والشعير والقطنية والخضروات ونحوها .. فيجوز قلعها سواء نبتت بنفسها أوزرعت.
وعبر "المنهاج" عن الشجر وغيرها بعبارة واحدة فقال تبعًا "للمحرر": (ويُحْرُمُ قطع نبات الحرم الذي لا يُسْتَنْبَت)(٣)، ثم استدرك فقال:(والمستنبت كغيره على المذهب)(٤)، وهذا الاستدراك إنما يصح في الشجر، أما غيرها: فيفرق فيه بين المستنبت وغيره كما تقدم، ولهذا أطلق "التنبيه" الشجر، وخص التحريم بالحشيش، وأراد به: ما لا يستنبت، فكلام "المحرر" صحيح في غير الشجر، وكلام "المنهاج" صحيح في الشجر.
ويرد على "التنبيه" و"المنهاج": أن التحريم في الشجر إنما هو في الرطب، أما اليابس: فلا شيء في قطعه، كما لو قَدّ صيدًا ميتًا نصفين، هذه عبارة " أصل الروضة"(٥)، وقد يفهم تحريم القلع كما في الحشيش، وليس كذلك، فقد صرح النووى في "نكت التنبيه" بأنه لا شيء في قلعه أيضًا، والفرق بينهما: أن الحشيش اليابس يستخلف، بخلاف الشجر اليابس، ولهذا عبر "الحاوي" بقوله [ص ٢٥٥]: (ويحرم قطع نبات رطب حرميٍّ وقَلْعُهُ) ويرد عليه مع ذلك شيئان:
أحدهما: أنَّه يتناول المستنبت من غير الشجر مع أنَّه لا يحرم فيه كما تقدم.
ثانيهما: أنَّه يستثنى من مفهومه: قلع اليابس غير المستنبت من غير الشجر؛ فإنه يحرم أيضًا كما تقدم.
١٦٢٢ - قول "المنهاج"[ص ٢٠٧]: (والأظهر: تعلق الضمان به وبقطع أشجاره) الضمير في قوله: (به) يعود للنبات، وهو شامل للشجر، فلا حاجة لقوله - تبعًا لـ"المحرر"(٦) -: (وبقطع أشجاره)، فهو وإن كان من ذكر الخاص بعد العام .. فيه إيهام، وعبارته تقتضي أنَّه لا يتوقف