ويمكن إذا قَرُبت كالمدينة مثلًا، قال: فهذا أفضل فيما ظهر لي، ثم يليه جمعهما في سفرة إفرادًا أو تمتعًا أو قرانًا، ثم الاقتصار على الحج. انتهى.
وأورد في "المهمات" على تفضيلهم الإفراد: أنه إذا قرن واعتمر بعده أيضًا .. ينبغي أن يكون أفضل من الإفراد؛ لاشتماله على المقصود مع زيادة عمرة أخرى، قال: وهو نظير ما قالوه في (التيمم): أنه إذا رجي الماء، فصلى أولًا بالتيمم على قصد إعادتها بالوضوء .. فإنه أفضل لا محالة، قال: وكذلك إذا اعتمر المتمتع بعد الحج أيضًا، خصوصًا إذا كان مكيًا أو عاد لإحرام الحج إلى الميقات؛ فإن فوات هذه الشروط لا يخرجه عن كونه متمتعًا، وإنما سقط الدم.
قلت: إنما ذكر الأصحاب هذا التفضيل عند تأدِيَةِ نسكين فقط، وفي هاتين الصورتين قد أَدّى ثلاثة نسك، فليست هي الصورة المتكلم عليها، والله أعلم.
١٥٦٣ - قولهما:(وعلى المتمتع دم)(١) المراد به: شاة تجزئ في الأضحية، وكذلك جميع الدماء التي في الحج، إلا جزاء الصيد، وقد ذكر ذلك "الحاوي"(٢)، ويقوم مقام الشاة سُبع بدنة وسُبع بقرة.
١٥٦٤ - قول "التنبيه"[ص ٧٠]: (وحاضروا المسجد الحرام أهل الحرم، ومن كان منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة) الضمير في قوله: (منه) يعود إلى الحرم، فالمسافة معتبرة منه، كما رجحه الرافعي في "شرحيه"، فقال في "الكبير": إنه الدائر في عبارات العراقيين (٣)، وفي "الصغير": إنه أشبه الوجهين، وصححه النووي في كتبه، وعليه مشى "الحاوي"(٤)، لكن في "المحرر" اعتبارها من مكة، فقال: وإنما يجب على المتمتع إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وهو مَنْ سَكَنُه من مكة فوق مسافة القصر. انتهى (٥).
وفي هذه العبارة خلل؛ لأن مقتضاها: أن من هو على مسافة القصر من مكة .. من حاضري المسجد الحرام، وليس كذلك، فالصواب: حذف لفظة: (فوق) ولذلك غيّره "المنهاج" فقال [ص ٢٠٥]: (وحاضروه: مَنْ دون مرحلتين من مكة)، ثم استدرك عليه فقال:(قلت: الأصح: مِن الحَرَمِ)، لكن في "المهمات": أن الفتوى على ما في "المحرر"، فقد نقله صاحب "التقريب" عن النص فقال: حاضر المسجد الحرام عند الشافعي: مَنْ بينه وبين مكة مسافة لا تقصر فيها الصلاة، نص عليه في "الإملاء"، وأيّده الشافعي بأن اعتبار ذلك من الحرم يؤدي إلى