لكن صحح النووي أنه يرمي لا على هيئة الخَذْفِ (١)، ولذلك قال "المنهاج"[ص ٢٠٣]: (بقدر حصى الخَذْفِ)، فيحمل كلام "التنبيه" على أنه بقدره لا على هيئته، وهو دون الأنملة طولًا وعرضُا، وذلك قدر الباقلا.
١٥٣٦ - قولهما:(ومن عجز عن الرمي .. استناب)(٢) ليس المراد: العجز الذي ينتهي إلى اليأس كما في استنابة الحج، وإنما المراد: العجز في الحال إذا لم يرج زواله قبل خروج وقت الرمي؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص ٢٤٧]: (ويُنِيبُ عاجز لا يقدر في وقته) سواء أكان العجز بمرض أو حبس أو غيرهما، وسواء حبس بحق أم بغيره بالاتفاق كما في "شرح المهذب"(٣)، لكن شرط ابن الرفعة: أن يحبس بغير حق، وذكر أن البندنيجي حكاه عن "الأم"، ويشترط أيضًا: أن يكون النائب قد رمي عن نفسه في الأصح، وإلا .. وقع له.
١٥٣٧ - قول "التنبيه"[ص ٧٨]: (ويُكبّر هو)، قال في "الكفاية": هذا إذا كان حاضرًا، فإن عجز عن الحضور معه .. كَبَّر الرامي، حكاه القاضي أبو الطيب وغيره.
١٥٣٨ - قول "الحاوي"[ص ٢٤٧]: (ولا ينعزل بإغمائه) قد يستشكل؛ لأنه وكيل، والوكيل ينعزل بإغماء الموكل في الأصح.
وجوابه: أن هذا توكيل لعذر، فسومح ببقائه مع حدوث الإغماء.
١٥٣٩ - قول "المنهاج"[ص ٢٠٣]: (وإذا تَرَكَ رَمْيَ يومِ .. تداركه باقي الأيام على الأظهر ولا دم) فيه أمور:
أحدها: قال شيخنا ابن النقيب: أي: من أيام التشريق؛ فإن كلامه فيه، قال: وكذلك لو ترك رَمْيَ يوم النحر .. فإنه يتداركه كغيره في الأصح، وقيل: لا يتداركه قطعًا، وعلى هذه الطريقة يصح ما قدمناه من أن وقت رمي يوم النحر ينقضي بيومه، وقيل: يمتد إلى الفجر، وإن قلنا بالطريقة الأولى - وهي الأصح - وقلنا: بالأداء - كما سيأتي تصحيحه - .. امتد وقته إلى آخر أيام التشريق، فيخالف ما تقدم، وقد يقال: يجوز تداركه قضاءً أو أداء مع القول بتحريم التأخير، فلا مخالفه. انتهى (٤).
ولا يرد ذلك على قول "الحاوي"[ص ٢٤٧]: (والمتروك يتدارك) فإنه شامل للجميع، ولم يسبق منه ما يخالفه، والله أعلم.
(١) انظر "المجموع" (٨/ ١٣٨). (٢) انظر "التنبيه" (ص ٧٨)، و"المنهاج" (ص ٢٠٣). (٣) المجموع (٨/ ١٧٤). (٤) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٢/ ٣١٥، ٣١٦).