منها؛ إذ لو كان منها .. لقال: ومنها، وذلك يقتضي تفسير الرواتب بالسنن التابعة للفرائض، وهو الأصح، وعبارة "التنبيه" تقتضي تفسيرها بالسنن المؤقتة؛ حيث قال [ص ٣٤]: (والسنة: أن يواظب على السنن الراتبة مع الفرائض) فإنه دال على صدق اسم الراتبة وإن لم تكن مع الفرائض، وهذا اصطلاح المتقدمين من الأصحاب، وفي عبارته شيء آخر، وهو: أن المواظبة على كل مسنون سنة، فما وجه تخصيص ذلك بالراتبة؟ ومراده: تأكدها على غيرها.
٦٥٠ - قولهم:(أكثر الوتر: إحدى عشرة ركعة)(١) هو المشهور، وصحح الرافعي في "شرح مسند الشَّافعي": أن أكثره ثلاث عشرة ركعة، قال السبكي: أنا أقطع بأن من أوتر بثلاث عشرة .. جاز وصح وتره، ولكني أحب الاقتصار على إحدى عشرة فما دونها؛ لأن ذلك غالب أحوال النبي صلى الله عليه وسلم.
٦٥١ - قول "التنبيه"[ص ٣٤]: (ويسلم من كل ركعتين) أي: هو الأفضل، وهو معنى قول "المنهاج"[ص ١١٥] و"الحاوي"[ص ١٧٢]: (إن الفصل أفضل) لكن الفصل فيما إذا أوتر بثلاث آكد منه فيما إذا أوتر بأكثر من ذلك؛ فإن السبكي قال: إن الوصل في الثلاث مكروه؛ لأن الدَّارَقُطني روى بإسناد رجاله ثقات:"ولا تشبهوا بصلاة المغرب"(٢)، وفيما عدا الثلاث خلاف الأولى.
٦٥٢ - قول "المنهاج"[ص ١١٥] و"الحاوي"[ص ١٧٢]: (وله الوصل بتشهد، أو تشهدين في الآخرتين) قد يفهم استواءهما، وهو وجه، قال الرافعي: إنه مقتضى كلام كثيرين (٣)، لكن صحح في "التحقيق": أن الأفضل: تشهد واحد، وقيل: الأفضل: تشهدان (٤).
٦٥٣ - قولهما أيضًا:(ووقته بين صلاة العشاء وطلوع الفجر)(٥) وقع في "تعليق القاضي أبي الطيب" أن وقته المختار إلى نصف الليل، أو ثلثه كالفرض، وهذا مناف لقولهم:(إنه يسن جعله آخر صلاة الليل)(٦) وقد علم أن التهجد في النصف الثاني أفضل، فكيف يكون تأخيره مستحبًا، ويكون وقته المختار إلى النصف أو الثلث؟ قال شيخنا الإمام سراج الدين: والأقرب حمل ذلك على من لا يريد التهجد.
قلت: ولو حمل على ذلك .. فهو بعيد أيضًا، والله أعلم.