ثامنها: هل المراد بالرضا أن يرضى في قلبه بذلك أم لا بد من التلفظ به؟ الأرجح: الثاني، قاله شيخنا في "تصحيح المنهاج"، قال: ويشهد له قول الشافعي: (لم يعتق حتى يقول: قد جعلت ما وجب لي قصاصًا)(١).
٦٥٢٨ - قول "الحاوي"[ص ٧٠٨]: (والفاسد كهو) أي: كالصحيح، ودخول الكاف على الضمائر قليل (لا في الحط، والسفر، والإيصاء، والإبراء، والاعتياض والانفساخ بالفسخ وموته، وحجره، وجنونه، ورد القاضي والفطرة والزكاة، والرجوع إلى قيمته)(٢) فيه أمور.
أحدها: قوله: (والإيصاء) أي: تصح الوصية برقبة المكاتب كتابة فاسدة دون الصحيحة، وحكى فيه "التنبيه" قولين فقال [ص ١٤٨]: (وإن وصى بالمكاتب وهو لا يعلم بفساد الكتابة .. ففيه قولان، أحدهما: يصح، والثاني: لا يصح) وقد عرفت أن الأصح: الصحة، وبه جزم "المنهاج"(٣)، وقيد محل الخلاف بأن لا يعلم فسادها، فإن علم .. صحت الوصية قطعًا، ومنهم من أجرى فيه القولين، وقد عرفت ما في قول "الحاوي": (والاعتياض).
وقوله:(والانفساخ بالفسخ) يتناول كلًا من السيد والمكاتب، وقد عرفت ما في فسخ المكاتب في كلام الرافعي من الاضطراب، والضمير في قوله:(وموته، وحجره، وجنونه) يعود للسيد، وأما موت العبد .. فلا تبقي معه كتابة صحيحة ولا فاسدة، ولا تنفسخ بجنونه وإغمائه، وقد أفصح بذلك "المنهاج" فقال [ص ٥٩٩]: (والأصح: بطلان الفاسدة بجنون السيد وإغمائه والحجر عليه) ومسألة الإغماء ليست في "المحرر"، وهي في "الروضة" وأصلها (٤)، والمراد: حجر السفه، فلو حجر عليه بالفلس .. لم تبطل الفاسدة، ولكنه يباع في الدين، فإذا بيع .. بطلت.
وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج": أن بطلانها بهذه الأمور خلاف نص "الأم" حيث قال: (وكذلك لو كاتبه كتابة فاسدة وهو صحيح ثم خبل السيد فتاداها منه مغلوبًا على عقله .. لم يعتق (٥)، قال شيخنا: فلو كانت تبطل بذلك .. لم يحتج لهذا الكلام لبطلانها بالجنون قبل التأدي.
ثانيها: قد يفهم من قوله: (ورد القاضي) أن له فسخها من غير طلب السيد، وليس كذلك، وإنما معناه: أن للسيد إذا أراد فسخ الكتابة الفاسدة أن فسخها بنفسه وأن يرفع الأمر إلى القاضي ليفسخها.
ثالثها: ذكر أن الفاسدة تنفسخ بأحد أمور خمسة، وبقي عليه: إعتاق السيد له لا عن جهة
(١) انظر "الأم" (٨/ ٧١). (٢) الحاوي (ص ٧٠٨). (٣) المنهاج (ص ٥٩٩). (٤) فتح العزيز (١٣/ ٤٨٥)، الروضة (١٢/ ٢٣٦). (٥) الأم (٨/ ٤٩).