والتحليف استحبابًا هو الذي صححه النووي ثم قال "التنبيه"[ص ٦١]: (وإن قال: لم يحل عليه الحول بعد وما أشبه ذلك مما لا يخالف الظاهر .. حلف استحبابًا) وظهر بذلك أن المذكور في "المنهاج" هنا مفرع على الضعيف؛ فإن الأصح: أنا لا نلزمه اليمين لاستحبابها، وكذلك قول "الحاوي"[ص ٦٩١]: (وأخذت الزكاة والجزية في الإِسلام قبل السنة) هو في الزكاة مفرع على الضعيف.
وقول "المنهاج"[ص ٥٨٠]: (وتعذر رد اليمين) أي: بأن لا ينحصر المستحقون في البلد، أو ينحصروا ويجوز النقل؛ فإن الرد على السلطان أو الساعي متعذر، فأما إذا انحصروا ومنعنا النقل .. فإن اليمين لا يتعذر ردها عليهم.
وقوله:(فالأصح: أنها تؤخذ منه)(١) قال الأكثرون: ليس ذلك حكمًا بالنكول، ولكن مقتضى ملك النصاب ومضيّ الحول: وجوب الزكاة، فإذا لم يأت بدائع .. أخذت بمقتضى الأصل، ولو عدل "المنهاج" عن هذا المثال إلى مثال الجزية - وهو ما إذا قال: أسلمت قبل تمام السنة، وقال العامل: بعد تمامها - .. لكان التفريع فيه جاريًا على الأصح؛ فإن الأصح: أنه يحلف إيجابًا، وأنه إذا نكل .. يقضي عليه بالجزية.
٦٣١٧ - قول "المنهاج"[ص ٥٨٠]: (ولو ادعى ولي صبي دينًا له فأنكر ونكل .. لم يحلف الولي، وقيل: يحلف، وقيل: إن ادعى مباشرة سببه .. حُلِّف) قال في "أصل الروضة": ميل الأكثرين إلى ترجيح المنع من الأوجه الثلاثة، ولا بأس بوجه التفصيل، وقد رجحه أبو الحسن العبادي، وبه أجاب السرخسي في "الأمالي"(٢).
وعلى التفصيل مشى "الحاوي" فقال [ص ٦٩٠]: (لا الولي فيما لا بتصرفه كدعواه إتلاف مال الطفل) وهو الذي في "المنهاج" في الصداق، فقال [ص ٤٠٢]: (ولو اختلف في قدره زوج وولي صغيرة أو مجنونة .. تحالفا في الأصح)، وكذا في "الروضة" وأصلها هناك (٣).
وقال في "المهمات": وعليه الفتوى؛ فقد نص عليه في "الأم" فقال بعد ذكره تحالف الزوجين عند اختلافهما في الصداق: (وهكذا إذا اختلف الزوج وأبو الصبية البكر)(٤).
وشاحح شيخنا الإِمام البلقيني "المنهاج" في قوله: (وقيل: ان ادعى مباشرة سببه) وقال: المعتبر ادعاء الدين بسبب باشره، وعبارة "المحرر" و"الروضة" وأصلها: ادعى ثبوته بسبب باشره (٥).
(١) انظر "المنهاج" (ص ٥٨٠). (٢) الروضة (١٢/ ٥٠). (٣) فتح العزيز (٨/ ٣٣٧)، الروضة (٧/ ٣٢٦). (٤) الأم (٥/ ٧٢). (٥) المحرر (ص ٥٠٩)، فتح العزيز (١٣/ ٢١٧)، الروضة (١٢/ ٤٩).