أحدهما: العدو إذا زالت العداوة وكانت كبيرة فتاب منها .. فهل يشترط الاختبار؛ لأنه تاب من فسق، أو لا؛ لأن النفوس لا تميل للعداوة غالبًا، بل تكرهها، محل نظر، والأرجح: الثاني، وإذا قال صاحب " المطلب " بالاختبار في العداوة المجردة عن الفسق .. ففي المفسقة أولى.
الثاني: المبادر بناء على أنه مجروح، والأصح خلافه لا يحتاج لاستبراء، قاله البغوي. انتهى.
واعلم: أن " المنهاج " و" الحاوي " لم يذكر الاختبار إلا في الفسق، وذكره " التنبيه " في خوارم المروءة أيضًا فقال: (ومن ردت شهادته لمعصية غير الكفر أو لنقصان مروءة فتاب .. لم تقبل شهادته حتى يستمر على التوبة سنة)(١) وفي " المطلب ": ألحق الأصحاب ذلك بالفسق في وجوب الاستبراء.
وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": لم أقف على التصريح به في كلام الأصحاب، وله وجه؛ لأن خارم المروءة صار باعتياده سجيّة له، فلا بد من اختبار حاله، ويحتمل خلافه. انتهى.
وقد عرفت أنّه في " التنبيه "، وذكر في " المطلب " الاحتياج إلى الاستبراء في العداوة أيضًا، قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وعندي لا يحتاج.
٦١٦٤ - قول " الحاوي "[ص ٦٦٩]: (أو تاب وصلح بالقرائن) تبع الغزالي في عدم تقديره بمدة، وأن المعتبر غلبة الظن بصدقه (٢)، وكذأ صحح القاضي حسين والإمام والعبادي، وقد عرفت أن " التنبيه " قدّره بسنة، وحكاه في " المحرر " و" المنهاج " عن الأكثرين (٣)، وصحح شيخنا في " تصحيح المنهاج " عدم التقدير، فإن عبارة الشافعي في " الأم ": (فلا تقبل شهادته إلا بمدة أشهر يختبر فيها بالانتقال من الحال السيئة إلى الحال الحسنة والعفاف عن الذنب الذي أتى)(٤) قال: فلم يذكر إلا أشهرًا، وهو جمع قلة يصدق على ثلاثة إلى عشرة، فمن اعتبر سنة .. فقد خالف النص، قال: ثم ظاهر التقدير بسنة أنه تحديد حتى لو نقصت يومًا أو دونه .. لا يكفي ذلك، وهو غريب، فاعتبار السنة لم يقم عليه دليل، والقياس على الزكاة والجزية غير صحيح،