فالعبرة إنما هو بالعلم بها والجهل كما عبر به في "النبيه مختصر التنبيه" فقد يعلمها الأعمى ويجهلها البصير.
ثم محل ما ذكراه: في البالغ العاقل، فلو كان المطلوب صبيا أو مجنونا .. بني على أن عمدهما عمد أو خطأ، إن قلنا: خطأ .. ضمن، وإلا .. فلا.
فإن قلت: هذا الإيراد على مرجوح؛ لأن الأصح: أن عمدهما عمد.
قلت: بل هو على الأصح في حالة؛ ففي "أصل الروضة" في شريك الصبي والمجنون عن القفال وغيره: أن الخلاف في صبي يعقل عقل مثله ومجنون له نوع تمييز، فأما من لا تمييز له بحال .. فعمده خطأ وشريكه شريك مخطئ قطعاً، قال: وعلى هذا جرى الأئمة منهم البغوي (١).
٤٨١٤ - قول "المنهاج" [ص ٤٨٩]: (وكذا لو انخسف به سقفٌ في هربه في الأصح) كان ينبغي أن يقول: (على النص) فقد نص عليه في "الأم" (٢)، أما لو ألقى نفسه على السقف من علو فانخسف به لثقله .. فكإلقاء نفسه في بئر.
٤٨١٥ - قولهما: (وإن سُلم الصبي إلى السابح فغرق في يده .. وجبت الدية) (٣) فيه أمور:
أحدها: أنه قد يفهم أنه لو علمه الولي السباحة فغرق منه .. لا ضمان، وليس كذلك، فحكم الولي وغيره في ذلك سواء.
ثانيها: قد يفهم من لفظ التسليم أنه لو أخذه السابح بيده .. ارتقى الحال عن الدية، وليس كذلك؛ ولهذا عبر "الحاوي" بقوله [ص ٥٥٠]: (وعلّمه السباحة فغرق) فسلم من الأمرين.
ثالثها: محل ذلك: ما إذا لم يقع من السابح تقصير، فلو رفع يده من تحته عمداً فغرق .. وجب القصاص، قاله شيخنا الإمام البلقيني.
رابعها: المراد: وجوب الدية على السابح، صرح به الماوردي وغيره (٤)، وبحث شيخنا الإمام البلقيني أن يكون الولي وعاقلته طريقاً في الضمان إذا سلمه إليه.
٤٨١٦ - قول "التنبيه" [ص ٢٢٠]: (وإن غرق البالغ مع السابح .. لم تجب ديته) كذا قاله العراقيون والبغوي، وقال في "الوسيط": لو خاض معه اعتماداً على يده فاهمله .. احتمل أن يجب الضمان (٥)، وحمل شيخنا الإمام البلقيني عدم الضمان على ما إذا لم يقصر السابح كما قال في
(١) الروضة (٩/ ١٦٣)، وانظر (التهذيب) (٧/ ١٧٧، ١٧٨).
(٢) الأم (٦/ ٨٢).
(٣) انظر "التنبيه" (ص ٢٢٠)، و"المنهاج" (ص ٤٨٩).
(٤) انظر "الحاوي الكبير" (١٢/ ٣٣٩).
(٥) الوسيط (٦/ ٣٥٧).