وقال في " التوشيح ": يظهر ترجيح ما قاله البوشنجي؛ وكأنه تحقيق مناط، ثم قال: والذي يظهر أن موتها قبل تمام (ثلاثاً) وبعد الشروع فيها كموتها قبل الشروع فيها، وإن لم أره مصرحاً به، ثم قال: وقد يقال: بوقوع الثلاث إذا شرع في لفظ (ثلاثاً) وماتت في أثنائه، وإن لم يقع إذا لم يكن قد شرع فيه كما قيل فيما لو قال:(أنت طالق إن) ثم ماتت. فقال: أردت أن أقول: (إن دخلت الدار) .. أنه يقبل؛ لوجود بعض لفظ التعليق (٢).
أما لو قال:(أنت طالق) على عزم الاقتصار عليه، فماتت، فقال:(ثلاثاً)، فقال الإمام: لا شك أن الثلاث لا تقع، وتقع الواحدة (٣)، وخرج الرافعي وجهاً: أن الاستثناء يعمل، ولا تقع الواحدة أيضاً (٤).
٣٩٩٤ - قوله: (وإن قال: " أنت طالق أنت طالق أنت طالق " وتخلل فصل .. فثلاثٌ) (٥) لا يخفى أن ذلك في المدخول بها، وقد صرح به بعد ذلك، وصرح به " التنبيه " أولاً (٦) لكنه لم يذكر هذا القيد، وهو أن يتخلل فصل، فيقع حينئذ ثلاث بلا تفصيل، وقد ذكرهما معا " الحاوي " فقال [ص ٥٠٧]: (وما تكرر تعدَّدَ، لا إن أكد بلا اختلافٍ وفصلٍ، أو قبل الوطء)، والمراد بالفصل: ما كان فوق سكوت التنفس ونحوه، فإن ادعى حينئذ التأكيد .. لم يقبل ظاهراً، ويدين، والمراد بنية التأكيد في عبارة " التنبيه ": أن ينوي تأكيد الأولى بالأخريين؛ ولهذا قال " المنهاج "[ص ٤١٨]: (وإن قصد بالثانية تأكيداً وبالثالثة استئنافاً أو عكس .. فثنتان، أو بالثالثة تأكيد الأولى .. فثلاث في الأصح).
وبقي: ما لو قصد بالثانية الاستئناف ولم يقصد بالثالثة شيئاً، أو بالثالثة الاستئناف ولم يقصد بالثانية شيئاً، والأظهر: وقوع ثلاث فيهما، ولم يصوب الأصحاب بالزيادة على ثلاث.
وقال في " التوشيح ": فيما لو كرر أربعاً .. يتجه أن يقال: لا يسمع منه إرادة التأكيد بالرابعة؛ لأنه لا يصلح له؛ فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: إن العرب لا تؤكد أكثر من ثلاث مرات، وفي كلام إمام الحرمين في " البرهان " ما يشهد له (٧)، وإنما سمعنا إرادة
(١) فتح العزيز (٩/ ٥)، الروضة (٨/ ٧٦) وانظر " التهذيب " (٦/ ٣٤). (٢) انظر " حاشية الرملي " (٣٠/ ٢٨٧). (٣) انظر " نهاية المطلب " (١٤/ ٩٤). (٤) انظر " فتح العزيز " (٩/ ٦). (٥) انظر " المنهاج " (ص ٤١٨). (٦) التنبيه (ص ١٧٦). (٧) البرهان (١/ ٣٣٩).