قلت: أين مثل سفيان ورابعة؟ ! بل الضابط: أن يكون الحضور إليها لأمر ديني مع أمن الفتنة، وقال في " المهمات ": إن أراد المروزي: تحريم الإجابة .. فممنوع، وأن أراد: عدم الوجوب .. فلا حاجة لتقييده بعدم وجود محرم؛ لأن هنا مانعاً آخر من الوجوب، وهو عدم العموم. انتهى بمعناه.
سادسها: ألَاّ يكون المدعو قاضياً.
سابعها: قال الماوردي: يشترط أن يكون الداعي مكلفأ حراً رشيداً، وإن أذن ولي المحجور .. لم تجب إجابته أيضاً؛ لأنه مأمور بحفظ ماله، ولو أذن سيد العبد .. فكالحر (١).
ثامنها: أن يكون المدعو حرًا، فلو دعا عبداً .. لزمه إن أذن سيده، وكذا المكاتب إن لم يضر حضوره بكسبه؛ فإن ضر وأذن سيده .. فوجهان، والمحجور كالرشيد.
تاسعها: ألَاّ يكون معذوراً بمرخص في ترك الجماعة، ذكره الماوردي والروياني، قالا: ولو اعتذر بِحَرٍّ أو بردٍ؛ فإن منعا غيره من التصرف .. عذر، وإلا .. فلا (٢).
عاشرها: قال في " التوشيح ": ينبغي أن يتقيد أيضاً بما إذا دعاه في وقت استحباب الوليمة دون ما إذا دعاه في غير وقتها، قال: ولم نر في صريح كلام الأصحاب تعين وقتها (٣)، واستنبط الوالد رحمه الله من قول البغوي: ضرب الدف في النكاح جائز في العقد والزفاف قبل وبعد، قريبا منه أن وقتها موسع من حين العقد، قال: والمنقول عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم: أنها بعد الدخول. انتهى.
وبوب البيهقي في " سننه " على وقت الوليمة، وذكر فيه حديث أنس:(بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلني، فدعوت رجالاً ... ) الحديث (٤)، وقال النووي في " شرح مسلم ": اختلف العلماء في وقت فعلها، فحكى القاضي عياض: أن الأصح عند مالك وغيره: أنه يستحب فعلها بعد الدخول، وعن جماعة من المالكية: استحبابها عند العقد وعن ابن حبيب: استحبابهما عند العقد وبعد الدخول، ثم قال بعد ذلك بنحو ورقتين: سبق أنها تجوز قبل الدخول وبعده. انتهى (٥).
ولم يسبق له ذلك، ثم إن أريد: أنه لا تجب الإجابة فيما إذا عملت الوليمة قبل العقد .. فهو
(١) انظر " الحاوي الكبير " (٩/ ٥٥٨). (٢) انظر "الحاوي الكبير" (٩/ ٥٥٩). (٣) في حاشية (ج): (فائدة: وما نفاه من تصريح الأصحاب متعقب بأن الماوردي صرح بأنها عند الدخول. انتهى من " فتح الباري " [٩/ ٢٣١]). (٤) سنن البيهقي الكبرى (٧/ ٢٦٠) حديث (١٤٢٨٥). (٥) شرح مسلم (٩/ ٢١٧، ٢٢٢).