قلت: عبارة " الروضة ": أطلق صاحب " المهذب " وغيره: أنه يحرم النظر إلى الأمرد بغير حاجة، ونقله الداركي عن نص الشافعي (١).
فإن أراد نقل الإطلاق .. صح ما قاله في " المهمات "، وإن أراد نقل النص .. صحت عبارة " المنهاج ".
خامسها: ظاهر إطلاقه: أنه لا فرق في الأمرد بين أن يكون جميلًا أم لا، وقال السبكي: إنه محتمل، لعدم انضباط الحسن، قال: ولكن الظاهر الأول، وعليه يدل كلام الأكثر، وإليه يرشد تبويب النووي في " رياض الصالحين "(٢)، قال السبكي: وهذا القيد منتف في النساء؛ لأن في الطباع الميل إليهن، فضبط بالأنوثة، وذلك مفقود فيما بين الرجال إلا في الأمرد الحسن.
قلت: وقيده القاضي حسين والمتولي بالجميل الوجه، الناعم البدن، وحرر السبكي موضع الخلاف، وحصره في جميل يمكن الافتتان به، فعند النووي: يحرم وإن انتفت الفتنة والشهوة اعتبارًا بالمنظور إليه (٣)، وعند الرافعي: يجوز؛ اعتبارًا بالناظر (٤)، واستشكل إيجاب الغض عن الأمرد مطلقًا، وقال الغزالي في " الإحياء ": من يتأثر قلبه بجمال الأمرد بحيث يدرك الفرق بينه وبين الملتحي - أي: من حيث الشهوة - .. فلا يحل له النظر (٥).
٣٤٨٧ - قول " الحاوي "[ص ٤٥٣]: (كللمرأة) أي: كما لا يحرم نظر المرأة إلى المرأة إلا فيما بين السرة والركبة، يتناول نظر الذمية للمسلمة، وهو الذي صححه الغزالي (٦)، وصحح البغوي تحريمه؛ لقوله تعالى:{أَوْ نِسَائِهِنَّ} وليست الذمية من نسائهن (٧)، وتبعه النووي (٨)؛ ولهذا قال في " المنهاج "[ص ٣٧٣]: (الأصح: تحريم نظر ذمية إلى مسلمة) وفي " المحرر ": (أنه الأحوط)(٩)، وفيه أمور:
أحدها: أن التحريم لا يختص بالذمية، بل يحرم على المسلمة كشف وجهها لها، وقد صرح به النووي في " فتاويه "(١٠)، وإذا لم يخاطب الكفار بفروع الشريعة .. اختص التحريم بالمسلمة.
(١) الروضة (٧/ ٢٥)، وانظر " المهذب " (٢/ ٣٤). (٢) رياض الصالحين (ص ٣٠٠). (٣) انظر "الروضة " (٧/ ٢٤، ٢٥). (٤) انظر " فتح العزيز " (٧/ ٤٧٦). (٥) إحياء علوم الدين (٣/ ١٠٢). (٦) انظر " الوسيط " (٥/ ٣٠). (٧) انظر " التهذيب " (٥/ ٢٣٦). (٨) انظر " الروضة " (٧/ ٢٥). (٩) المحرر (ص ٢٨٩). (١٠) فتاوى النووي (ص ١٣٣) مسألة (٢٢٤).