على الباقيين على أنه لا يلزم من الاستواء في الخلاف الاستواء في الترجيح، وعلى أن عبارة " التصحيح " تحتمل تصحيح الأول؛ بأن يكون قوله:(نقل إلى ذلك الصنف) أراد به: الذين نقص عنهم .. فإنه أقرب مذكور في كلامه، وإليه مال في " التوشيح "، فقال: ينبغي حمله على النقل إلى الصنف الناقص، لا إلى بلد آخر؛ ليتوافق كلاماه لا سيما وقد أطلق في " التنبيه "[ص ٦٤] النقل، وأراد به ما ذكرناه. انتهى.
والذي ذكرته أولًا عن " التصحيح " فهمه عنه ابن الرفعة، وتبعه شيخانا الإسنوي وابن النقيب (١)، والله أعلم.
وقد يفهم من كلامه أن مؤنة النقل عليه، والأصح كما قال الإمام: أنها على المستحق (٢).
٣٤٥٢ - قول " التنبيه "[ص ٦٢]: (ويكره أن ينقل الزكاة عن بلد المال، فإن نقل .. ففيه قولان، أحدهما: يجزئه، والثاني: لا يجزئه) فيه أمور:
أحدها: أن المراد بالكراهة هنا: التحريم.
ثانيها: أصح القولين فيما إذا نقل: عدم الإجزاء، وعليه مشى " الحاوي " فقال [ص ٤٥٠]: (بقيَ الفرض) وهذه الطريقة هي المصححة في " الروضة " وأصلها أن القولين في سقوط الفرض، ولا خلاف في التحريم (٣)، والطريقة الثانية: أنهما في التحريم والسقوط معًا، وعبارة " المنهاج " موافقة لهذه؛ حيث قال [ص ٣٧٠]: (والأظهر: منع نقل الزكاة) وفيه طريقة ثالثة: أنها في التحريم، ولا خلاف أنه يسقط.
ثالثها: الخلاف فيما إذا فرق المالك، فإن فرق الإمام .. قال الرافعي والنووي: ربما اقتضى كلام الأصحاب طرد الخلاف فيه، وربما دل على جواز النقل له والتفرقة كيف شاء، وهذا أشبه، قال النووي: قال صاحب " التهذيب " والأصحاب: يجب على الساعي نقل الصدقة إلى الإمام إذا لم يأذن له في تفريقها، فهذا نقل، ورجح في " شرح المهذب " القطع بجواز النقل للإمام والساعي (٤)، ومال ابن الرفعة إلى طرد الخلاف في الإمام أيضًا.
ويستثنى من منع النقل أيضًا: ما لو كان له بكل بلد عشرون شاة .. فالأصح: جواز إخراج شاة في أحدهما؛ حذرًا من التشقيص، وترد هاتان المسألتان على " المنهاج " و" الحاوي " أيضًا ولو فارق المستحقون أو بعضهم بلد المال .. فله النقل اعتبارًا بالاخذ لا بالبقعة، قاله الإمام، قال:
(١) انظر " السراج على نكت المنهاج " (٥/ ٢٧٧). (٢) انظر " نهاية المطلب " (١١/ ٥٣٩). (٣) فتح العزيز (٧/ ٤١١، ٤١٢)، الروضة (٢/ ٣٣١). (٤) المجموع (٦/ ١٥٩).