وظاهر كلامه أنها صريحة، وكذا يقتضيه كلام "الروضة" وأصلها (١).
وقال السبكي في قوله:(ادفعوا إليه): هو إذن في الدفع، فإن دل دليل على أنه وصية .. اتبع، وإلا؛ فلو لم يخرج من الثلث، وقال المدفوع إليه: لم يرد الوصية، بل كان ذلك لي عنده، واحتمل ذلك .. ينبغي أن يقبل، إلا أن يكون قال: من مالي، وأما أعطوه .. فلا يأتي فيه هذا؛ لأن لفظ الإعطاء يقتضي التمليك كما قالوه في الخلع، وقوله:(بعد موتي) دليل الوصية، وإلا .. كان توكيلاً في الإعطاء في الحال. انتهى.
وكيف يستقيم قبول قول المدفوع إليه: أنه إقرار؛ مع أن الإقرار يعتمد اليقين، لا سيما وقد قيد الدفع بأنه بعد الموت، وذلك قرينة الوصية، وقد صرح "الحاوي" بأن (أعطوه)، (وجعلته له) صريحان، لكنه قال بعد الثانية:(من مالي)(٢)، فيحتمل أن يختص التقييد بها، وأن يعود لهما، ولم يقيد ذلك بأن يقول:(بعد موتي)، ولا بد منه.
٣٢٣٦ - قول "المنهاج"[ص ٣٥٤]: (فلو اقتصر على: "هو له" .. فإقرارٌ إلا أن يقول:"هو له من مالي"، فيكون وصية) ظاهره: أنه صريح فيها، وهو مخالف لـ"المحرر" فإنه جعله كناية (٣)، وكذا في "الروضة" وأصلها (٤)، لكن رجح السبكي أنه صريح، وقال: لو لم يكن صريحاً .. لكان إذا مات ولم يعلم هل نوى أم لا تبطل الوصية؛ لأن الأصل: عدم النية، ونص الشافعي في مسألتين يقتضي أنه صريح، ثم قال السبكي: هو منصرف عن الإقرار قطعاً، ولكنه يحتمل الهبة الناجزة والوصية، فافتقر إلى النية، فصح قول الرافعي: أنه كناية، فإذا لم يقبل على الفور، وقال الوارث: إنما أراد الوصية .. قبل، قال السبكي: وقد ساقنا البحث إليه، فنختاره على خلاف ما اقتضاه كلام "المنهاج".
نعم؛ لو قال:(هو له بعد موتي من مالي) .. فهو وصية قطعاً. انتهى.
٣٢٣٧ - قول "المنهاج"[ص ٣٥٤] و"الحاوي"[ص ٤٢٦]: (وينعقد بكنابة) قال في "المحرر": إنه الأظهر (٥)، وذلك يشعر بخلاف فيه، فأسقطه "المنهاج"، وفي"الروضة": ينعقد بالكناية مع النية بلا خلاف (٦)، وقال الرافعي: في كلام الغزالي والإمام إشعار بانعقادها بالكنايات جزماً، ولا يجيء فيه الخلاف المذكور في البيع ونحوه، ثم استدل الرافعي على ذلك،
(١) فتح العزيز (٧/ ٦١، ٦٢)، الروضة (٦/ ١٤٠). (٢) الحاوي (ص ٤٢٦). (٣) المحرر (ص ٢٧١). (٤) فتح العزيز (٧/ ٦٢)، الروضة (٦/ ١٤٠). (٥) المحرر (ص ٢٧١). (٦) الروضة (٦/ ١٤٠).