٢٧٧٨ - قول "المنهاج"[ص ٣٠٤]: (ولا تصح المخابرة، وهي: عمل الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل) أورد عليه: أن تعبيره بـ (عمل الأرض) غير واضح؛ فإن العمل وظيفة العامل، فلا يفسر العقد به، وعبارة "الروضة" وأصلها: المعاملة على الأرض، وهي واضحة (١).
٢٧٧٩ - قول "التَّنبيه"[ص ١٢٢]: (المزارعة: أن يسلم الأرض إلى رجل ليزرعها ببعض ما يخرج منها) يتناول ما لو كان البذر من العامل، وشرطها: أن يكون البذر من المالك، ولهذا قال "المنهاج"[ص ٣٠٤]: (وهي: هذه المعاملة، والبذر من المالك) وما ذكره "التَّنبيه" مبني على أن المزارعة والمخابرة بمعنى واحد، الصَّحيح: تغايرهما، كذا قال في "الكفاية".
وأجاب عنه النسائي وغيره: بأن قوله بعد ذلك: (والبذر من صاحب الأرض) يدفعه (٢).
قلت: لم يذكر ذلك في تفسير المزارعة، وإنَّما ذكره في شرط تجويزها تبعًا للمساقاة.
وأعلم: أن النووي اختار من جهة الدليل: صحة المزارعة والمخابرة مطلقًا تبعاً لابن المنذر وابن خزيمة والخطابي، ونصر السبكي المذهب، وقال: إنَّه أسلم المذاهب، قال: ولم أر لمن أجاز المزارعة والمخابرة من أصحابنا كلاماً في اشتراط التوقيت واللزوم فيهما كالمساقاة، قال: وصرحت الحنفية بالاشتراط، وهو مقتضى الفقه عند أصحابنا، لكن عمل النَّاس على خلافه، ولا اعتبار بعملهم؛ فهو فاسد.
٢٧٨٠ - قول "التَّنبيه"[ص ١٢٢]: (ولا يجوز ذلك إلَّا على الأرض التى بين النخيل، فيساقيه على النخل، ويزارع على الأرض، ويكون البذر من صاحب الأرض، فيجوز ذلك تبعاً للمساقاة)، قال في "المنهاج"[ص ٣٠٤]: (بشرط: اتحاد العامل، وعُسْرِ إفراد النخل بالسقي والبياض بالعمارة، والأصح: أنَّه يشترط ألَّا يفصل بينهما، وألا تُقدم المزارعة) وهو معنى قول "الحاوي"[ص ٣٧٣]: (ومزارعة ما تخلل، وعسر إفراده، واتحد العامل تبعًا) وفي كلامهما معًا أمور:
أحدها: أن مرادهما باتحاد العامل: ألَاّ يكون من ساقاه غير من زارعه، لا أن يكون شخصاً واحداً، فلو ساقى جماعة وزارعهم بعقد واحد .. صح.
ثانيها: أن التعبير بالعسر في "الوجيز" و "المحرر"(٣)، وعبر في "الروضة" وأصلها بالتعذر (٤).
(١) فتح العزيز (٦/ ٥٤)، الروضة (٥/ ١٦٨). (٢) انظر "نكت النبيه على أحكام التَّنبيه" (ق ١١٣). (٣) الوجيز (١/ ٤٠١)، المحرر (ص ٢٢٦). (٤) فتح العزيز (٦/ ٥٦)، الروضة (٥/ ١٧٠).