وفي «البخاريّ» ، عن ابن عمر قال: كنت فيهم- في تلك الغزوة- فالتمسنا جعفرا، فوجدناه ما في جسده بضعا وتسعين طعنة من ضربة ورمية بسهم، ليس منها شيء في دبره «١» .
ثمّ أخذ الرّاية عبد الله بن رواحة فوجد من نفسه كراهة للموت، فأنشد شعرا، [من الرّجز]«٢» :
يا نفس إلّا تقتلي تموتي ... هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنّيت فقد أعطيت ... إن تفعلي فعلهما هديت
ثمّ قاتل حتّى قتل.
[تولّي خالد بن الوليد رضي الله عنه قيادة الجيش]
فأخذ الرّاية خالد بن الوليد من غير مشورة، وقاتل قتالا شديدا، ودافع عن المسلمين، حتّى انحاز بهم إلى جبل، ونجّاهم الله. ولم يستشهد منهم يومئذ إلّا ثمانية، منهم الأمراء الثّلاثة.
[نعي النّبيّ صلى الله عليه وسلم زيدا وجعفرا وابن رواحة]
وفي «صحيح البخاريّ» ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نعاهم للنّاس يوم أصيبوا، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:«أخذ الرّاية زيد فأصيب، ثمّ أخذها جعفر فأصيب، ثمّ أخذها ابن رواحة فأصيب» ، وعيناه تذرفان. وقال:«ما يسرّهم أنّهم عندنا» ، ثمّ قال:«ثمّ أخذ الرّاية سيف من سيوف الله تعالى، حتّى فتح الله عليهم»«٣» أي: فرّج الله عنهم بسببه.
وفيه-[أي: صحيح البخاريّ]- أنّ ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا سلّم على عبد الله بن جعفر قال: السّلام عليك يا ابن ذي الجناحين «٤» .
(١) أخرجه البخاريّ، برقم (٤٠١٢- ٤٠١٣) . في دبره: في ظهره. (٢) ابن هشام، ج ٣/ ٣٧٩. (٣) أخرجه البخاريّ، برقم (٢٦٤٥- ٤٠١٤) . (٤) أخرجه البخاريّ، برقم (٣٥٠٦) .