ذلك الجبل، وكان الأعرابيّ نائما، فأطلقها النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فذهبت ورجعت، فانتبه الأعرابيّ، فقال للنّبيّ صلى الله عليه وسلم: ألك حاجة؟ قال:«نعم، تطلق هذه الظّبية» ، فأطلقها، فذهبت تعدو في الصّحراء، وتقول:
أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّك محمّد رسول الله «١» .
[ذراع الشّاة المسمومة]
ومن ذلك: حديث الذّراع المشهور في «الصّحيحين» ، عن جماعة من الصّحابة رضي الله عنهم: أنّ يهوديّة «٢» أيّام فتح (خيبر) أهدت للنّبيّ صلى الله عليه وسلم شاة مصليّة- أي: مشويّة- سمّتها، فأكل منها النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ قال للقوم:«ارفعوا أيديكم، فإنّها أخبرتني أنّها مسمومة»«٣» .
وفي رواية جابر:«أخبرتني هذه الذّراع» ، وقال لليهوديّة:
«ما حملك على ما صنعت؟» ، فقالت: إن كنت نبيّا لم تضرّك، وإن كنت ملكا أرحت النّاس منك، فعفا عنها. فمات بشر بن البراء من السّمّ، فقتلها به قصاصا «٤» .
وفي رواية أنس: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم «٥» .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه الّذي مات فيه: «ما زالت أكلة (خيبر) تعادني- أي: تعاودني-
(١) أخرجه البيهقيّ في «الدّلائل» ، ج ٦/ ٣٤- ٣٥. وأبو نعيم في «الدّلائل» ، برقم (٢٧٣) . عن زيد بن أرقم رضي الله عنه. خشفان- الخشف-: الظّبي الصّغير أوّل ما يولد. (٢) وهي: زينب بنت الحارث، امرأة سلّام بن مشكم. (٣) أخرجه أبو داود، برقم (٤٥١٢) . عن أبي هريرة رضي الله عنه. (٤) أخرجه أبو داود، برقم (٤٥١٢) . (٥) أخرجه البخاريّ، برقم (٢٤٧٤) . فما زلت أعرفها: أي العلامة. كأنّه بقي للسّمّ علامة وأكثر من سواد أو غيره. لهوات: اللحمة المعلقة في أعلى الحنك.