إذ أقبل عقبة بن أبي معيط- أي: مصغّرا بمهملتين- فوضع ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقا شديدا، فأقبل أبوبكر- رضي الله عنه- فأخذ بمنكبيه، ودفعه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ الآية، [سورة غافر ٤٠/ ٢٨]«١» .
وفي «صحيحي البخاريّ ومسلم» عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: بينما النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي عند (الكعبة) ، وقريش في مجالسهم في المسجد، إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي، أيّكم يقوم إلى جزور بني فلان، فيجيء بسلاها فيضعه بين كتفيه إذا سجد؟ فانبعث أشقاهم- وفي رواية: أنّه عقبة بن أبي معيط أيضا- ففعل ذلك، فضحكوا حتّى مال بعضهم على بعض من الضّحك، وثبت النّبيّ صلى الله عليه وسلم ساجدا، فانطلق منطلق إلى فاطمة رضي الله عنها- وهي يومئذ جويرية- فأقبلت تسعى حتّى ألقته عنه، / ثمّ أقبلت عليهم تسبّهم، فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصّلاة، قال:«اللهمّ عليك بقريش» ثلاثا، ثمّ سمّى رجالا «٢» . قال عبد الله: فو الله لقد رأيتهم صرعى يوم (بدر) ، ثمّ سحبوا إلى (القليب) - قليب بدر- «٣» .
[تحقيق حول مولد فاطمة وأخواتها]
قلت: وهذا يدلّ على أنّ مولد فاطمة رضي الله عنها متقدّم
(١) أخرجه البخاريّ، برقم (٣٦٤٣) . (٢) وهم: عمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأميّة بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد. (٣) أخرجه البخاريّ، برقم (٢٣٧- ٤٩٨) . سلاها: الجلدة الّتي يكون فيها ولد البهائم، أي: المشيمة. جويرية: شابّة.